جراد زفت بها ريح عاصب، ولفيف سداه الشيطان ولحمته الضلالة، وصرخ بهم ناعق البدعة ففتنهم، ما هم إلا جنود البغاة، وضحضحة المكاثر، لو مستم سيوف أهل الحق تهافتوا تهافت الفراش في النار، ولرأيتموهم كالجراد في اليوم الريح العاصف، ألا فاستشعروا الخشية وتجلببوا السكينة وادرعوا اللامة وقلقلوا السيوف في الأغماد قبل السل، وانظروا الخزر، وأطعنوا الوخز، ونافحوا بالظبى وصلوا السيوف بالخطى، وعاودوا أنفسكم الكر، واستحوا من الفر، فإنكم بعون الله ومع ابن عم رسول الله ووصيه، فإنه عار باقي الأعقاب عند ذوي الأحساب وفي الفرار النار يوم الحساب، وطيبوا عن أنفسكم نفسا، واطووا عن أحبائكم كشحا، وامشوا إلى الموت قدما، وعليكم بهذا السواد الأعظم والرواق المطنب فاضربوا ثبجه، وإن الشيطان راقد في كسره نافج حضنيه، مفترش ذراعيه، قد قدم للوثبة يدا وأخر للنكوص رجلا، فاصدقوا له صدما حتى ينجلي الباطل عن الحق وأنتم الأعلون. ألا فاثبتوا في الماكب وعضوا على النواجذ، فإنه أنبا للسيوف عن الهام، فاضربوا بالصوارم فشدوا فها أنا شاد.
فحمل على الكتيبة وحملهم (عليه السلام) حتى خالطهم، فلما دارهم دور الرحى المسرعة وثار العجاج، فما كنت أرى إلا رؤوسا بادرة وأبدانا طافحة وأيد طائحة، وقد أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيفه يقطر دما وهو يقول: قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون.
وروي أن من نجا منهم رجعوا إلى عند معاوية فلامهم على الفرار بعد ان أظهر التحسر والحزن على ما حل بتلك الكتيبة، فقال كل واحد منهم: كيف كنت رأيت عليا وقد حمل علي، وكلما التفت ورائي وجدته يقفو أثري، فتعجب معاوية