وفي نهج البلاغة: أوحى الله إلى داود «إذا رأيت عاقلا كن له خادما».
فالعقول مختلفة، ومراتب العقل غير متناهية، وبعقل المعاد يحصل عقل المعاش.
وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام): «صديق كل امرء عقله وعدوه جهله» (1).
وهذه المراتب والدرجات والكمالات بأجمعها ترجع إلى العلم، وقد مدح الله عز وجل في القرآن الكريم فاطمة الزهراء (عليها السلام) بالعلم، والعلم - كما قال العلامة المجلسي (رحمه الله) - أفضل من الدنيا وما فيها، وهو دليل العقل وسراجه.
وقد اطلعت بلقيس على بعض العلوم، فاهتدت بأنوارها واستدلت بدلالتها فوصفت بالعقل، وشرفت في عاقبة الأمر بالإسلام.
والصديقة الطاهرة هي معدن العقل والإيمان، جمع فيها علوم ما كان وما يكون، وكمالها العلمي أشرف من كمالها العملي; لأن التقصير من جهة العلم أشد من التقصير في العمل، وإفاضة الحكمة الإلهية والعلوم اللدنية عليها أكثر من الآخرين، مع كل ذلك تبقى فاطمة (عليها السلام) رشحة من رشحات الوجود المحمدي، وحسنة من حسنات الذات المقدسة العلوية صلوات الله عليها.
نقل مطابق مع العقل شرحنا فيما مضى معنى إيمان فاطمة الزهراء (عليها السلام) ضمن الحديث عن آسية خاتون، وبينا حقيقة العقل إجمالا ضمن حديث «ما كمل من النساء إلا أربعة» فلابد من الإشارة في هذا المقام للعقول حسب مراتب الاختلاف; والعقل بجميع