والعظمة، وخوف غيرهم من العبيد العصاة خوفا من العقوبة، وهو خوف ممدوح أيضا، كما روى ابن بابويه: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر، إذ جاء رجل فنزع ثيابه ثم جعل يتمرغ في الرمضاء يكوي ظهره مرة، وبطنه مرة، وجبهته مرة، ويقول: يا نفس ذوقي، فما عند الله عز وجل أعظم مما صنعت بك، ورسول الله ينظر إلى ما يصنع، ثم إن الرجل لبس ثيابه ثم أقبل، فأومأ إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده ودعاه، فقال له: يا عبد الله، لقد رأيتك صنعت شيئا ما رأيت أحدا من الناس صنعه، فما حملك على ما صنعت؟
فقال الرجل: حملني على ذلك مخافة الله عز وجل، وقلت لنفسي: يا نفس ذوقي، فما عند الله أعظم مما صنعت بك.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد خفت ربك حق مخافته، فإن ربك ليباهي بك أهل السماء.
ثم قال لأصحابه: يا معشر من حضر أدنو من صاحبكم حتى يدعو لكم، فدنوا منه فدعا لهم وقال: اللهم إجمع أمرنا على الهدى، واجعل التقوى زادنا، والجنة مآبنا (1).
اعرف معنى الكلام; فالخوف لابد أن يكون متوازنا بحيث لا يجر إلى اليأس من رحمة الله والقنوط وترك العمل، لأن اليأس من رحمة الله في حد الشرك، وهو ذنب عظيم، والخوف لابد أن يكون باعثا للعبد على العمل والاهتمام بالعبادات وترك المحرمات، وصاحب هذه الملكة القدسية خائف صادق، فمن خاف من شيء هرب منه، وإلا فالخائف العاصي كمن خاف من أسد ثم وضع يده في فمه وهو