الحسنان ألبستهما وزينتهما، فسرا بذلك سرورا عظيما وقالا: يا أماه لم ير صبيان العرب ثيابا فاخرة لطيفة كهذه الثياب، فدخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليها فقبلهما وحملهما على كتفه ومشى بهما إلى أمهما، ثم قال: يا فاطمة رأيت الخياط الذي أعطاك الثياب؟ هل تعرفينه؟ قالت: لا والله لست أعرفه...
فقال: يا فاطمة ليس هو خياط، وإنما هو رضوان خازن الجنان. قالت فاطمة: فمن أخبرك يا رسول الله؟ قال: ما عرج حتى جاءني وأخبرني بذلك (1).
لم تكن فاطمة الزهراء (عليها السلام) نبية بمفاد الحديث النبوي «لا نبي بعدي»، إلا أنها سيدة نساء الأولين والآخرين وأفضلهن، وعقيلة الرسالة وحليلة الولاية، وسيدة حرائر أبناء آدم، وتلقيبها بلقب «الحرة» دليل إكرامها وتعظيمها، وهي المستورة الكبرى، وهذا اللقب هو سر اسمها المبارك، وزهدها وعبادتها دليل واضح على سيادتها على عامة نساء العالمين، وفي الحديث (2) الذي رواه المجلسي في البحار: إن الله تعالى قال في حق فاطمة «فاطمة سيدة إمائي» وخاطبها أمير المؤمنين (عليه السلام) ب «أيتها الحرة» (3) أي حريتها وخلوصها في العبادة والعمل، ونزاهتها عن الأدناس والميولات والعلائق الدنيوية، وهذا بنفسه دليل على أشرفيتها وشدة عفتها واهتمامها بالحجاب وحياءها الفطري وحجابها وسترها.
وعدم التصريح باسمها المبارك في القرآن من قبيل خفاء المعنى في اللفظ، والسر المكنون في الكلام الملفوظ، واختفاء الاسم الأعظم في الأسماء الحسنى،