القوم، حتى امتن الله عليها فقال: (فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا) إلى آخر القصة الشريفة.
أما حفظ فاطمة الصديقة الطاهرة ففي عصمتها الملازمة لوجودها المباركة فهي لم تغفل دقيقة واحدة. وقد ذكرنا في الخصيصة السابقة أن لطف الله وفضله شمل الصديقة الكبرى وكفلها في كل حال، كيف لا وقد قضت عمرها الشريف في كلائة الولاية دائما، وما قصرت ولا فرطت قط في حفظ أمير المؤمنين، بل كانت في منتهى غاية في الرحمة والمودة. وكانت فاطمة (عليها السلام) أولى من رحمة في الحفظ - على المعاني الثلاثة - وكان الشيطان مخذولا محروما كمال الخذلان والحرمان في ساحتها المقدسة; وكانت هي في أعلى درجات القبول في إطاعة زوجها، وفي منتهى درجات القرب لشكرها النعم وصبرها على المصائب والألم، فصلوات الله عليها وعلى آلها الكرام.
أما حرمة آسية بنت مزاحم امرأة فرعون المذكورة في القرآن الكريم، فهي على قسمين: حرمة عند الله وحرمة عند زوجها فرعون، أما الثانية فكانت نهايتها مأساوية حيث انتهت إلى الاستشهاد تحت التعذيب، وكانت آسية محترمة عند بني إسرائيل - قبل أن تعلن إيمانها - احتراما شديدا يلي احترام فرعون لشدة قربها من فرعون، وكان فرعون يلبي لها كل ما تطلب ليكسب ودها، ولئلا يعكر عليها أو يزعجها ولو لحظة واحدة.
ولم تكن ثمة امرأة استولت على رجل - في الأمور الدنيوية والمشتهيات النفسانية - كما استولت آسية على زوجها، وكان فرعون راضخا مستسلما لها مأمورا بأمرها مقهورا لها، وإنما قتلها لأنها آمنت بالله ورسوله موسى بن