ممدوح; أما الأول فلحسن التوبة، وأما الثاني فلقبول الله وإدخالها في رحمته، وإعادتها إلى الدرجات العالية والمقامات الرفيعة. ولا نريد إطالة الكلام في هذا المقام، ومن أراد التفصيل فليراجع تفاسير أهل البيت (عليهم السلام).
ولكن هل يجوز أن تتصف فاطمة الزهراء (عليها السلام) بهذه الصفة، فتتوب وتقبل توبتها، مع أنها معصومة ومطهرة من الذنوب؟
الأفضل أن نشير إلى الجواب إشارة إجمالية:
إن التوبة أول منازل السالكين، وهي توجب السعادة الأخروية للمعصوم وغير المعصوم، بل قيل: تجب التوبة على المذنب وغيره وذلك لأن من لا ذنب له يوجبها على نفسه ويعتقد أنها فريضة عليه في كل آن، ومعنى توبته رجوعه إلى الله بالإرادة، فالمعصوم لابد أن يكون دائما في هذه الحالة، وهذه الحالة المستمرة في الرجوع إلى الحق والتوجه إلى الله لا تتيسر مع الاهتمام بأداء المقتضيات البشرية، وكل واحدة من المقتضيات البشرية قصور لا مناص للإنسان من إصلاحه، من قبيل الأكل والشرب والنوم وأمثالها، لذا اعتقد الإمامية الاثني عشرية أن أئمتهم المعصومين عدوا هذه الأمور معصية وحجابا وغينا ورينا يتوبون منها وينيبون، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إني ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم سبعين مرة» (1) فإذا استولى الغبار على مرآة القلب فلابد من جلاءها بالتوبة والإنابة والاستغفار، بل إن التائب يريد أن يخرج نفسه عما سوى الله، حتى من وجوده هو كما قيل: «وجودك ذنب لا يقاس به ذنب» فالسالك التائب يريد أن يرفع كل حجاب بينه وبين الله لكي يسمى تائبا حقيقيا، وهذه هي التوبة النصوح، وهو