أما وجوب العصمة في الإمام فقد أقيم عليها براهين عديدة في كتب الإمامية، وملخصها:
إذا لم يكن الإمام معصوما كان جائز الخطاء في كل شيء، سواء العقائد أو القواعد والأمور العامة، فإذا أسس عشرة أحكام أو عشرة قواعد وأجراها أخطأ يقينا في واحد منها - إن لم يكن أكثر - بمقتضى الطبيعة البشرية، وكيف يكون الخطاء حجة من قبل الله على الخلق؟! وكيف يحكم الله بوجوب اتباع المخطئ؟
فالخطاء إذن لا يستحق الخلافة والإمامة الحقة، وحاشا الله أن يأمر عموم الممكنات من الملك والجن والبشر بإطاعة من تكون بعض أوامره صادرة عن الخطأ والضلال قطعا. إذن فلابد من القول بأن الإمام واجب العصمة.
فإن قال قائل: إن الجهة المذكورة في وجوب عصمة الإمام لم تكن موجودة في فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فلماذا تقولون بعصمتها؟!
نقول في جوابه: إن الجهة في وجوب العصمة فيها هي نفس الجهة في وجوب عصمة بعض الأنبياء الذين لم يبعثوا إلى الخلق ولم تكن لهم رسالة.
وبعبارة أخرى، يمكن أن نجيب: إن وجوب عصمتها موهبة إلهية خاصة من حيث علمه سبحانه بحسن حالاتها وعبادتها (عليها السلام); ولذا أتحفها بهذه الموهبة العظيمة كما أعطاها سائر المواهب العظيمة الأخرى دون سواها.
ثم إن كل ما ينسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جزء أو كلا فهو أفضل من البشر كافة، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت جزء كاملا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويشهد له قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) «فاطمة بضعة مني»، فالحكم الثابت للكل في العصمة والأشرفية والأولوية ثابت للجزء أيضا، وفاطمة بضعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببرهان العقل والنقل، كما أن أمير المؤمنين