شكلها وذهلت من حملها، واحمر الحدق، واغبر الأفق، وسال العلق، وثار القتام، وصبر الكرام، وحام اللئام، وازبدت الأشداق، وقامت الحرب على ساق، وتضاربت الرجال بأغماد سيوفها بعد فناء نبلها، وتقصفت رماحها، فلا تسمع يومئذ إلا التعمم والتحمحم من الرجال والخيل ووقع السيوف على الهام كأنه دق غاسل، فدأب ذلك يوما حتى طعن الليل بغسقه، وأقبل الصبح بفلقه، ثم لم يبق للقتال إلا الهرير، لعلمتم أني أحسن بلاء وأعظم عناء الخ.
وقد اتضح من كلام عمرو بن العاص مدى كفاءة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الحروب «والفضل ما شهدت به الأعداء».
ونكتفي بهذا القدر لأن من أراد الحديث عن مراتب قوة تلك اليد التي هي يد الله، وذلك القلب الذي هو قلب الله، كان كمن قال: السماء فوقنا، فلنطو سجل الكلام هنا وندخل في خصيصة أخرى.