الأروع والبطل الأنزع ورقى في المنبر وراقى، ثم تنحنح فسكت جميع من في الجامع فقال:... والله لا يكون الإمام إماما حتى يحيي الموتى أو ينزل من السماء مطرا، أو يأتي بما يشاكل ذلك مما يعجز عنه غيره... ولقد أرسل إلي معاوية جاهلا من جاهلية العرب بحرف في مقاله، وأنتم تعلمون لو شئت لطحنت عظامه طحنا ونسفت الأرض من تحته نسفا، وخسفتها عليه خسفا، [إلا أن احتمال الجاهل صدقة]، ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأشار بيده إلى الجو، فدمدم وأقبلت غمامة وعلت سحابة وسمعنا منها نداء يقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ويا سيد الوصيين ويا إمام المتقين ويا غياث المستغيثين ويا كنز المساكين ومعدن الراغبين، وأشار إلى السحابة فدنت، قال ميثم: فرأيت الناس كلهم أخذتهم السكرة، فرفع رجله وركب السحابة وقال لعمار: اركب معي وقل ﴿بسم الله مجراها ومرساها﴾ (1) فركب عمار وغابا عن أعيننا، فلما كان بعد ساعة أقبلت سحابة حتى أظلت جامع الكوفة، فالتفت فإذا مولاي جالس على دكة القضاء وعمار بين يديه والناس حافون به، ثم قام وصعد المنبر وأخذ بالخطبة المعروفة بالشقشقية، فلما فرغ اضطرب الناس وقالوا فيه أقاويل مختلفة، فمنهم من زاده الله إيمانا ويقينا ومنهم من زاده كفرا وطغيانا.
قال عمار: قد طارت بنا السحابة في الجو، فما كان هنيئة حتى أشرفنا على بلد كبير حواليها أشجار وأنهار، فنزلت بنا السحابة، وإذا نحن في مدينة كبيرة...
ثم قال: يا عمار اركب، ففعلت ما أمرني، فأدركنا جامع الكوفة ثم قال لي: يا عمار تعرف البلدة التي كنت فيها؟ قلت: الله أعلم ورسوله ووليه. قال: كنا في الجزيرة السابعة من الصين...