قال الصادق (عليه السلام): «الواعظ والمستيقظ كالراقد واليقظان» (١)، فمن استيقظ عن رقدة الغفلة انتبه إلى مخالفاته ومعاصيه، صلح أن يوقظ غيره من الرقاد. ونعم ما قيل:
يا واعظ الناس غير متعظ * ثوبك طهر أولا فلا تلم وقال علي (عليه السلام): «العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب» (٢).
أيها المسكين انظر ماذا قدمت نفسك لغد؟! وماذا فعلت مما قلت؟! ماذا ينفعك وعظ الآخرين وما حصلت من ذلك؟ وأي مزية لك وأنت ترتقي منبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ من كان قالبه محشوا بحب الدنيا وقلبه وكرا للهوى لا يليق به أن يضع أقدامه على مراقي المنبر.
إذا كان الغراب دليل قوم * سيهديهم إلى أرض الجياف قال الله تعالى: ﴿أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون﴾ (3).
وهذا الحديث قرأته ونقلته مرارا لكني لم أجد له أثرا في قلبي القاسي، وهو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: «مررت ليلة أسري بي على أناس في جهنم تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ فقال: هؤلاء خطباء من أهل النار كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم» (4) الويل ثم الويل لي من أعمالي وأفعالي وسيرتي، واخجلتاه وواحياءاه بين يدي ربي.
فإن أمارتي بالسوء مااتعظت * لجهلها بنذير الشيب والهرم