الجهال، وقد قدر وقرر أن تكون هذه المهمة الكبيرة على عاتق هذه الطائفة. فلا بد إذن أن يتوفر الواعظ الكامل على ما يلي:
أولا: لا بد أن يكون مرتبطا بمولاه، ومتصلا بالمبدأ.
ثانيا: لا بد له من الإطلاع على التفسير والحديث وما يتعلق بهذين العلمين الشريفين.
والواعظ محدث كامل، يعني أن على هذا الشخص الشريف أن يلم بعلم الأخلاق ومعرفة المنجيات والمهلكات، وأخبار المناقب والمصائب مضافا إلى المسائل الدينية والمعالم الشرعية والأحكام، ثم يرتقي المنبر من بعد ويجعل فعله ناصحا واعظا كقوله.
ومع أن هذا العبد الذليل غير لائق بهذا الاسم، إذ لا أجد نفسي مستحقا للدخول في عداد أرباب الوعظ والإرشاد، إلا أن عبيد الله - لحسن ظنهم - عرفوا هذا المذنب الجاني والفقير الفاني بهذا العنوان من باب التغليب وتشبيه المتشابه بالمحكم، فانطلقت الأفواه والألسن تدعوني بهذا الاسم باعتبار اشتغالي في هذا الأمر الخطير، والأفضل أن أخاطب في هذه الورقة نفسي دون التعريض بالآخرين، وأخبر عن الحاضر «والحاضر يرى ما لا يرى الغائب» وإني أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم بنفسي مني...
مهلا، مهلا، أيها الجاهل الغافل، يقول الله سبحانه في فرقانه المجيد:
﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون﴾ (1)؟!
وهذا التحذير والتقريع والاستنكار موجه للعالم بلا عمل، والواعظ غير المتعظ.