العالمين طرا لا يدانين تلك المحجوبة الكبرى في المحاسن الصورية والمعنوية، ولا في مكارم الأخلاق الظاهرية والباطنية، وسنبسط الكلام - فيما بعد - في شمائل مشكاة الأنوار وخصائل أم الأئمة الأطهار.
وأما بشارة سارة بولادة إسحاق (عليه السلام)، كما بشرت إيشاع أم يحيى بيحيى، وبشرت مريم بعيسى، فإن فاطمة الزهراء (عليها السلام) - أيضا - بشرت بالحسنين، وفي الحديث «إن النبي بشرها عند ولادة كل منهما»، فقال لها «ليهنئك أن ولدت إماما يسود أهل الجنة» وأكمل الله ذلك في عقبها (١).
وقد ولد من صلب إسحاق أنبياء عظام، وولد من صلب سيد الشهداء - ابن فاطمة الزهراء - أئمة الهدى (عليهم السلام)، وهم المقصودون ب «الكلمة الباقية» صلوات الله وسلامه عليهم.
وأما حسن معاشرتها وصبرها على خدمة ضيوف الخليل وحبها لهم واسترضاءها لإبراهيم الحاكي عن رضا الله سبحانه، فكل ذلك لا يبلغ عشر من أعشار ما كان لفاطمة.
وعلى ما هو المعلوم فإن أعلى درجات السخاء الإيثار، وهو بذل الشئ المحبوب للغير مع شدة الحاجة إليه، وبعبارة أخرى: أن تجوع أنت وتشبع جائعا، وهو معنى قوله تعالى ﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ (2) النازلة فيها (عليها السلام).
روى الكراجكي في كنز الفوائد، والشيخ عبد الله بن نور الله في عوالم العلوم