وفي البحار قال في حديث طويل: «إن آسية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد يمشين أمام فاطمة كالحجاب لها إلى الجنة» (1).
وفي حديث طويل يأتي في باب الشفاعة وخصائص القيامة: إن حواء معها سبعون ألف حوراء، وآسية ومن معها يستقبلن فاطمة ويسرن عن يسارها، وكذلك مريم وخديجة يسرن عن يمينها، لأنها أفضل من حواء وآسية.
ويعرف من هذه الأخبار قرب آسية من فاطمة أم الأطهار، وما لها من المزية والشرف في هذا الجوار، فالأفضل أن نتعرض إلى شئ من صفات الكمال فيها، وإلى صلابتها في إيمانها المقبول، وتميزها في ذلك بين نساء آل فرعون (2) فنقول:
إن بداية ظهور آثار الإيمان والإسلام على آسية كان من التأيدات السبحانية، لأنها تشرفت بخدمة موسى بن عمران (عليه السلام) حينما رأته في بحر «قلزم» فتراكضت هي وجواريها، والتقطته من بين الشجر والماء، ولذا سمته «موسى»، وهو مركب من اسمين بالقبطية، ف «مو» هو الماء، و «سى» الشجر (3)، فلما فتحت التابوت رأت رضيعا وجهه كالبدر أجمل الناس وأصبحهم، فوقعت عليها منه محبة في قلبها فوضعته في حجرها وقالت: هذا ابني، فصدقتها جواريها على ما رأت من بهاء طلعته والنور الذي في جبهته، وقلن: أي والله أي سيدتنا مالك ولد ولا للملك، فاتخذي هذا ولدا، وكانت قد حرمت من الأولاد الذكور، فقالت: هو