ابني، فغسلته وألبسته أفخر الثياب وحملته بحفاوة وشغف إلى بعلها فرعون، وشرحت له حاله.
فقال الغواة من قوم فرعون: أيها الملك! إنا نظن أن ذلك المولود الذي تحذر منه من بني إسرائيل رمي به في البحر فرقا منك، فهم فرعون - واسمه قابوس بن مصعب - بقتله، فتوسلت به آسية وتشفعت فيه، فاستوهبته منه ﴿وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون﴾ (١) فوهبه لها، فطلبت له المراضع، فلما امتنع أن يأخذ من المراضع ثديا، قالت أخته «كلثمة» أو «كلثوم» ﴿هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه وهم له ناصحون﴾ (٢) فلما أتت بأمه ثار إلى ثديها، فشرب كما يشرب العسل حتى امتلأ جنباه ﴿فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن﴾ (3).
قال بعض أهل السير: عينوا لأم موسى راتبا يدفع لها في كل يوم كمؤونة لها، وصنعوا له مهدا من ذهب، وبقي الكليم ثلاثون سنة عند آسية، وظهرت له آيات باهرة ومعجزات متواترة، وهو يعيش في وفور النعم والراحة التامة، في منتهى الإحترام والعزة، حتى ظن الناس أنه ابن فرعون وآسية.
وكان موسى (عليه السلام) يحب آسية ويحترمها ويداريها، على العكس من فرعون، فكم من مرة - في صغره وكبره - ضرب فرعون وشتمه ولطمه، وقد قبض - مرة - على لحيته وهو صغير ثم جرها ونتف بعضها، وهكذا هي يد القدرة الإلهية وحكمة