قال: فغصب الملك إبراهيم على فتحه، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها، فأعرض إبراهيم (عليه السلام) وجهه عنها وعنه غيرة منه وقال: اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي، فلم تصل يده إليها ولم ترجع إليه.. فيبست يده، فاعتذر إليه الملك واستغفر وطلب منه أن يدعو ربه ليطلق يده، ففعل إبراهيم، وعاد الملك إلى فعله ثلاث مرات، وإبراهيم (عليه السلام) يدعو فتيبس يده ويستغفر فتطلق، فلما رأى منه الملك ما رأى عظمه وهابه ووهبه جارية قبطية لخدمة سارة، وقال له: أحب أن تأذن لي أن أخذمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما، وهي هاجر أم إسماعيل... والحديث طويل (1).
والغيرة من الخصال الممدوحة في الرجال، ومعنى الغيرة: الحمية وكراهة شراكة الغير في الحق الثابت للإنسان، ومن لا غيرة له فهو منكوس القلب، وفي الحديث «لا أحد أغير من الله تعالى» (2) وروي أيضا: «إن الله يغار والمؤمن يغار» روي أيضا: «المؤمن غيور».
وفي الحديث المذكور آنفا: قال إبراهيم (عليه السلام) للملك: «إن إلهي غيور يكره الحرام، وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام».
فسارة لها نسبة قرابة مع إبراهيم (عليه السلام)، ويكفي في جلالها أن إبراهيم (عليه السلام) كان مأمورا باسترضاءها وتطييب خاطرها، وهو دليل على حسن حالها ومكارم أخلاقها ومحاسن أفعالها، بل يتبين من بعض الأخبار الصحيحة أنها مجابة الدعوة، إستجاب لها خالق البريات، وهذا دليل على شأنها العظيم ومقامها الرفيع.