الحضرة الأحدية، حيث جعل أفضل أحباءه يكبر عند أسوأ أعداءه، ولذا لما ظهرت الآية العظمى وتجلت اليد البيضاء، قال فرعون لموسى: (ألم نربك فينا وليدا وفعلت فعلتك التي فعلت...) فبلغه موسى (عليه السلام) بالأمر الإلهي، ودعاه للإقرار بربوبية خلاق السماوات والأرض فلم ينفعه البلاغ، فحزن موسى لخسران ذاك الجهول الجحود وخذلانه، فعوقب في الدنيا وله في الآخرة عذاب أليم.
الحاصل: كانت آسية خاتون مثالا في ثبات الإيمان وحسن المآل، وقد منعت من قتل ذاك النبي المعظم، ورعته وربته في بيت الشرك والكفر، وبعد أن ظهرت الآيات التسعة والكرامات المتتالية سوى الآيتين العظيمتين، العصا واليد البيضاء، آمنت به سبعون قبيلة من الأقباط، وأذعنوا بعبوديتهم لرب الأرباب، فغضب فرعون فعذبهم عذابا شديدا، رجالا ونساء، وسمر أيديهم وأرجلهم بمسامير وأوتاد من حديد، ولذا سمي ﴿فرعون ذي الأوتاد﴾ (١) وحكم على النساء أن تكبل أرجلهن بالقيود ويساق بهن ليصعدن على سلم مبني بالطين والحجر والآجر إلى أعالي القصر، فمنهن من تسقط فتموت، ومنهن من يعذبن بعذاب مثل هذا العذاب، ولو راجعت التفاسير وكتب السير لعرفت ما فعله هذا المخلوق العاجز الطاغي الباغي على الله!!
وكان مما فعله هذا الطاغي أيضا أنه قتل سبعين من السحرة الذين هددهم ﴿لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين﴾ (2) ولهؤلاء المؤمنين