فنظر إليهم آدم وبعضهم أعظم نورا من بعض، وإذا فضل أنوار الخمسة أصحاب المقامات والشرائع من الأنبياء كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وفضل العاقب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في عظم نوره على الخمسة كفضل الخمسة على الأنبياء جميعا.
فنظر فإذا حامة كل نبي وخاصته من قومه ورهطه آخذون بحجزة ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله، تتلألأ وجوههم وتشرق جباههم نورا; وذلك بحسب منزلة ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ربه وبقدر منزلة كل واحد من بنيه.
ثم نظر آدم (عليه السلام) إلى نور قد لمع فسد الجو المنخرق، وأخذ بالمطالع من المشارق، ثم سرى حتى طبق المغارب، ثم سما حتى بلغ ملكوت السماء، فإذا الأكناف قد تضوعت طيبا، وإذا أنوار أربعة قد اكتنفته عن يمينه وشماله ومن خلفه وأمامه، أشبه به أرجا ونورا، يتلوها أنوار من بعدها يستمد منها، وإذا هي شبيه بها في ضيائها وعظمها ونشرها، ثم دنت منها فتكللت عليها وحفت بها، ونظر فإذا أنوار من بعد ذلك في مثل عدد الكواكب ودون منازل الأوائل جدا جدا، ثم طلع عليه سواد كالليل وكالسيل، ينسلون من كل وجه وأوب، فأقبلوا حتى ملأوا البقاع والأكم، وإذا هم أقبح شئ هيئة وصورا وأنتنه ريحا. فبهر آدم (عليه السلام) ما رأى من ذلك فقال: يا عالم الغيوب ويا غافر الذنوب ويا ذا القدرة الباهرة والمشيئة الغالبة، من هذا السعيد الذي كرمت ورفعت على العالمين؟ ومن هذه الأنوار المنيفة المكتنفة له؟
فأوحى الله عز وجل إليه: يا آدم! هؤلاء وسيلتك ووسيلة من أسعدت من خلقي، هؤلاء السابقون المقربون والشافعون المشفعون، وهذا أحمد سيدهم وسيد