عشرة آية من بني إسرائيل). وذكر عصيانهم وفسادهم وتخريب مسجدهم، ثم ذكر استفزازهم النبي صلى الله عليه وسلم وإرادتهم إخراجه من المدينة إياه عن الروح. ثم ختم السورة بآيات موسى التسع، وخطابه مع فرعون. وأخبر أن فرعون أراد أن يستفزهم من الأرض فأهلك. وأرث بني إسرائيل الأرض من بعدهم. وفي ذلك تعرض بهم أنهم كما استفزوا النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، فسيخرجون منها ويرثها هو وأصحابه كنظير ما وقع لهم مع فرعون لما استفزهم. وقد وقع ذلك أيضا. ولما كانت السورة مصدرة بتخريب المسجد الأقصى افتتحت بذكر إسراء سيدنا محمد المصطفى إليه، تشريفا لحلول ركابه الشريف وجبرا لما وقع من تخريبه. انتهى.
الثالث: في حكمة استفتاحها بالتسبيح:
ابن الجوزي في زاد المسير: الحكمة في الاتيان به هنا وجهان: أحدهما: أن العرب تسبح عند الامر العجيب، فكأن الله تعالى عجب خلقه بما أسدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاسراء به.
الثاني: أن يكون خرج مخرج الرد عليهم، لأنه صلى الله عليه وسلم لما حدثهم عن الاسراء به كذبوه، فيكون المعنى تنزه الله تعالى أن يتخذ رسولا كذابا.
القاضي تاج الدين السبكي في تذكرته سأل الامام: ما الحكمة في افتتاح سورة الإسراء بالتسبيح والكهف بالتحميد؟ وأجاب بأن التسبيح حيث جاء قدم على التحميد نحو:
(فسبح بحمد ربك) [النصر 3] سبحان الله والحمد لله.
وأجاب ابن الزملكاني - بفتح الزاي واللام -: [أن] سورة سبحان لما اشتملت على الاسراء وكذب المشركون به النبي صلى الله عليه وسلم، وتكذيبه تكذيب لله تعالى، أتي (بسبحان) لتنزيه الله عز وجل عما ينسب إليه من الكذب، وسورة الكهف لما نزلت بعد سؤال المشركين عن قصة أصحاب الكهف وتأخير الوحي نزلت مبينة أن الله تعالى لم يقطع نعمته على نبيه ولا على المؤمنين، بل أتم عليهم النعمة بإنزال الكتاب، فناسب افتتاحها بالحمد على هذه النعمة.
الرابع: في الكلام على سبحان الله:
محمود الكرماني في (برهانه): (كلمة استأثر الله تعالى بها، فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل ثم بالماضي في الصف والحشر لأنه أسبق، ثم بالمضارع في الجمعة والتغابن، ثم بالامر في الأعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها). انتهى.
وقوله (فبدأ بالمصدر) أي بالاسم الموضوع موضع المصدر.