صلاته رفع رأسه فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم دعا عليهم وكان إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سأل سأل ثلاثا ثم قال: (اللهم عليك بالملأ من قريش، اللهم عليك بأبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عقبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط). وذكر السابع فلم أحفظه. فوالذي بعثه بالحق لقد رأيت الذين سمى صرعى ببدر ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر غير أمية بن خلف فإنه كان رجلا بادنا فتقطع قبل أن يبلغ به إليه (1).
زاد البزار والطبراني في الأوسط: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد فلقيه أبو البختري ومع أبي البختري سوط يتخصر به فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر وجهه فقال:
مالك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خل عني قال: علم الله لا أخلي عنك أو تخبرني ما شأنك فلقد أصابك شئ. فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه غير مخل عنه أخبره قال: إن أبا جهل أمر فطرح علي فرث. قال أبو البختري: هلم إلى المسجد. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو البختري فدخلا المسجد ثم أقبل أبو البختري على أبي جهل فقال يا أبا الحكم أنت الذي أمرت بمحمد فطرح عليه الفرث؟ فقال: نعم. فرفع السوط. فضرب به رأسه فثار الرجال بعضها إلى بعض وصاح أبو جهل: ويحكم إنما أراد محمد أن يلقي بيننا العداوة وينجو هو وأصحابه.
وروى ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: لقد ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غشي عليه، فقام أبو بكر رضي الله عنه فجعل ينادي: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله.
وروى البزار وأبو نعيم في الفضائل عن علي رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس أخبروني بأشجع الناس. قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش، هذا يجأه وهذا يتلتله وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا. قال: والله ما دنا منه منا أحد إلا أبو بكر يضرب هذا ويجالد هذا ويتلتل هذا ويقول: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله! ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال: أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم، فقال: ألا تجيبونني؟ فوالله لساعة من أبي بكر خير من مثلي مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه.
وروى الدارقطني في الأفراد عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبيه قال: أكثر ما نالت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبي طالب.
يجأه: بالمثناة التحتية والجيم والهمزة: أي يضربه.
يتلتله: بمثناة تحتية ففوقية فلامين بينهما مثناة فوقية ثم هاء: أي يخيسه ويذ لله، وخاسه:
راضه والله تعالى أعلم.