نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه بها شجة منكرة وقال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فرد علي ذلك إن استطعت.
فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا.
زاد يونس بن بكير عن ابن إسحاق: ثم رجع حمزة إلى بيته فقال: أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك؟ للموت خير لك مما صنعت. وقال: اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا. فبات بليلة لم يبت مثلها من وسوسة الشيطان، حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد أم هو غي شديد فحدثني حديثا فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكره ووعظه وخوفه وبشره، فألقى الله تعالى في قلبه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أشهد إنك لصادق فأظهر يا ابن أخي دينك فوالله ما أحب أن لي ما أظلته المساء وأني على ديني الأول.
وتم حمزة على إسلامه وعلى ما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله.
فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عز وامتنع، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه. وقال حمزة حين أسلم:
حمدت الله حين هدى فؤادي * إلى الإسلام تحدر دمع ذي اللب الحصيف رسائل جاء أحمد من هداها * بآياتك مبينة الحروف وأحمد مصطفى فينا مطاع * فلا تغسوه بالقول الضعيف فلا والله نسلمه لقوم * ولما نقض فيهم بالسيوف ونترك منهم قتلى بقاع * عليها الطير كالورد العكوف وقد خبرت ما صنعت ثقيف به فجزى القبائل من ثقيف إله الناس شر جزاء قوم * ولا أسقاهم صوب الخريف (1)