أرشدني راشد هديت * لا جعت ولا عريت ولا برحت سيدا مقيتا قال فاتبعني وهو يقول:
صاحبك الله وسلم نفسكا * وبلغ الأهل وأدى حلكا آمن به أفلح ربي حقكا * وانصره أعز ربي نصركا فقلت: لو كان لي من يكفيني إبلي هذه لأتيته حتى أو من به. قال: أنا أكفيكها حتى أؤديها إلى أهلك سالمة. فاعتقلت بعيرا منها ثم أتيت المدينة فوافيت الناس يوم الجمعة وهم في الصلاة فقلت: يقضون الصلاة ثم أدخل، فبينا أنا أنيخ راحلتي إذ خرج إلي أبو ذر. وعند الروياني: أبو بكر الصديق - فقال: ادخل فقد بلغنا إسلامك. قلت: لا أحسن الطهور فعلمني فدخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر كأنه البدر وهو يقول: (ما من مسلم توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى صلاة يحفظها ويعقلها إلا دخل الجنة) (1).
فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما فعل الشيخ الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك إلى أهلك سالمة؟ أما إنه قد أداها إلى أهلك سالمة. قلت: رحمه الله. قال: أجل رحمه الله تعالى (2).
وروى الأموي والفاكهي وأبو نعيم عن ابن عباس وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما قالا: لما ظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قام رجل من الجن على أبي قبيس فقال:
قبح الله رأي كعب بن فهر * ما أرق العقول والأحلام دينها أنها تعنف فيها * دين آبائها الحماة الكرام حالف الجن جن بصرى عليكم * ورجال النخيل والآطام توشك الخيل أن تروها تهادى * تقتل القوم في حرام بهام هل كريم منكم له نفس حر * ماجد الوالدين والأعمام ضارب ضربة تكون نكالا * ورواحا من كربة واغتمام فأصبح هذا الحديث قد شاع مكة، وأصبح المشركون يتناشدونه بينهم وقالوا: