سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ١ - الصفحة مقدمة المحقق ٨
وقد مات جده عبد المطلب وعمره حينئذ ثماني سنوات وشهران وعشرة أيام، وقبل أن يموت عهد بكفالته إلى عمه أبي طالب وقد استسقى أبو طالب بوجه النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخرج ابن عساكر قال: " قدمت مكة، وهم في قحط، فقال قريش: يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلم فاستعد! فخرج أبو طالب، ومعه غلام، كأنه شمس دجن، تجلت عنه سحابة قثماء، حوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب، فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بإصبعه الغلام، وما في السماء قزعة، فأقبل السحاب من ههنا وههنا، وأغدق واغدودق، وانفجر الوادي، وأخصب النادي والبادي وإلى هذا أشار أبو طالب حين قال:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل ونهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه، وضمه إلى ولده وقدمه عليهم، وظل فوقه أربعين سنة يعز جانبه ويبسط عليه حمايته، ويناضل الخصوم من أجله.
وقد تبدى ذلك جليا عندما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سنة، وارتحل به عمه أبو طالب تاجرا إلى الشام، فإذا ما وصل به إلى بصرى، وبها راهب يقال له: بحيرى في صومعة له، وكان إليه علم أخل النصرانية، إليه يصير علمهم عن كتاب فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى - وكانوا كثيرا ما يمرون به فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام فلما نزلوا قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن شئ رآه وهو في صومعته. يزعمون أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركب حتى أقبل وغمامة تظلله من بين القوم. ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه. فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها. فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته وقد أمر بطعام فصنع. ثم أرسل إليهم. فقال إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش فأنا أحب أن تحضروا كلكم، كبيركم وصغيركم، وعبدكم وحركم. فقال له رجل منهم والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم. ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرى صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم طعاما فتأكلون منه كلكم فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة فلما رآهم بحيرى لم ير الصفة التي يعرف ويجده عنده فقال يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي قالوا يا بحيرى ما تخلف أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام وهو أحدثنا سنا، فتخلف في رحالنا. قال لا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم. قال فقال رجل من قريش مع القوم، واللات والعزى إن كان للؤم بنا أن يتخلف محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا. ثم قام إليه فاحتضنه وأجلسه مع القوم فلما رآه بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده، وقد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا
(مقدمة المحقق ٨)
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد مقدمة التحقيق 1
2 مقدمة المؤلف 3
3 جماع أبواب بعض الفضائل و الآيات الواقعة قبل مولده صلى الله عليه وسلم الباب الأول: في تشريف الله تعالى له صلى الله عليه وسلم بكونه أول الأنبياء خلقا 68
4 الباب الثاني: في خلق آدم وجميع المخلوقات لأجله صلى الله عليه وسلم 74
5 الباب الثالث: في تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم على نفخ الروح في آدم صلى الله وسلم 77
6 الباب الرابع: في تقدم أخذ الميثاق عليه، زاده الله تعالى شرفا وفضلا لديه 83
7 الباب الخامس: في كتاب اسمه الشريف مع اسم الله تعالى على العرش 85
8 الباب السادس: في أخذ الميثاق على النبيين، أن يؤمنوا به صلى الله عليه وسلم وينصره إذا بعث فيهم 90
9 الباب السابع: في دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام له صلى الله عليه وسلم وإعلام الله به إبراهيم وآله 94
10 الباب الثامن: في بعض ما ورد في الكتب القديمة من ذكر فضائله صلى الله عليه وسلم 96
11 الباب التاسع: فيما أخبر به الأحبار والرهبان والكهان بأنه النبي المبعوث في آخر الزمان 103
12 الباب العاشر: في بعض منامات رئيت تدل على بعثته صلى الله عليه وسلم 130
13 الباب الحادي عشر: فيما وجد من صورة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مقرونة بصور الأنبياء قبله صلى الله عليه وسلم 135
14 جماع أبواب بعض فضائل بلده المنيف و مسقط رأسه الشريف زاده الله تعالى فضلا وشرفا الباب الأول: في بدء أمر الكعبة المشرفة 139
15 الباب الثاني: في عدد المرات التي بنيها البيت 146
16 الأولى: عمارة الملائكة 146
17 الثانية: عمارة آدم صلى الله عليه وسلم 146
18 الثالثة: عمارة أولاد آدم 148
19 الرابعة: عمارة سيدنا إبراهيم وإسماعيل 148
20 الخامسة والسادسة: عمارة العمالقة وجرهم 163
21 السابعة: عمارة قصي بن كلاب 164
22 الثامنة: عمارة قريش 164
23 التاسعة: عمارة عبد الله بن زبير 164
24 العاشرة: عمارة الحجاج 168
25 الباب الثالث: في أسماء البيت الشريف 169
26 الباب الرابع: في بعض فضائل دخول الكعبة والصلاة فيها 171
27 الباب الخامس: في فضل النظر إلى البيت الشريف 174
28 الباب السادس: في بعض فضائل الحجر الأسود والمقام 175
29 ذكر ما قيل في اسوداد الحجر بعد بياضه 176
30 شهادة الحجر الأسود يوم القيامة لمن استلمه بحق 177
31 ما جاء في تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم الحجر واستلامه له وسجوده عليه 178
32 ما جاء أن الحجر الأسود يمن الله تعالى في الأرض 178
33 الباب السابع: في فضائل زمزم 181
34 ذكر بعض خواص ماء زمزم 184
35 ذكر بعض أسماء زمزم 185
36 الباب الثامن: في تجديد حفر زمزم على يد عبد المطلب بن هاشم 187
37 الباب التاسع: في بعض أسماء البلد الشريف والحرم المنيف 194
38 الباب العاشر: في ذكر حرم مكة وسبب تحريمه 201
39 الباب الحادي عشر: في تعظيم مكة وحرمها، و تعظيم الذنب فيها 204
40 الباب الثاني عشر: في حج الملائكة وآدم والأنبياء 208
41 حج آدم (صلى الله عليه وسلم) 209
42 حج إبراهيم وإسماعيل وإسحاق (صلى الله عليه وسلم) 209
43 حج موسى ويونس (صلى الله عليه وسلم) 210
44 حج الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) غير من سمى 211
45 حج بني إسرائيل وغيرهم 212
46 حج ذي القرنين رضى الله تعالى عليه 212
47 حج عيسى (صلى الله عليه وسلم) بعد نزوله وأصحاب الكهف 212
48 الباب الثالث عشر: في قصة إهلاك أصحاب الفيل 214
49 جماع أبواب نسبة الشريف (صلى الله عليه وسلم) الباب الأول: في فضل العرب وحبهم 229
50 الباب الثاني: في طهارة أصله وشرف مجده (صلى الله عليه وسلم) 235
51 الباب الثالث: في سرد أسماء آبائه إلى آدم (صلى الله عليه وسلم) 239
52 الباب الرابع: في شرح أسماء آبائه (صلى الله عليه وسلم) 244
53 الباب الخامس: في معنى قوله (صلى الله عليه وسلم): " أنا ابن العواتك والفواطم " 323
54 جماع أبواب مولده الشريف (صلى الله عليه و سلم) الباب الأول: في سبب تزويج عبد المطلب ابنه عبد الله 325
55 الباب الثاني: في حمل آمنة برسول الله (صلى الله عليه وسلم) 326
56 الباب الثالث: في وفاة عبد الله بن عبد المطلب 331
57 الباب الرابع: في تاريخ مولده (صلى الله عليه وسلم) ومكانه 333
58 الباب الخامس: في إخبار الأحبار وغيرهم بليلة ولادته (صلى الله عليه وسلم) 339
59 الباب السادس: في وضعه (صلى الله عليه وسلم) والنور الذي خرج معه 341
60 الباب السابع: في انفلاق البرمة حين وضعه (صلى الله عليه وسلم) تحتها 346
61 الباب الثامن: في ولادته (صلى الله عليه وسلم) مختونا مقطوع السرة 347
62 الباب التاسع: في مناغاته (صلى الله عليه وسلم) للقمر في مهده وكلامه فيه 349
63 الباب العاشر: في حزن إبليس وحجبه من السماوات 350
64 الباب الحادي عشر: في انبثاق دجله و إرتجاس الإيوان وسقوط الشرفات وخمود النيران 353
65 الباب الثاني عشر: في فرح جده عبد المطلب به (صلى الله عليه وسلم) وتسميته له محمدا 360
66 الباب الثالث عشر: في أقوال العلماء في عمل المولد الشريف 362
67 جماع أبواب رضاعه (صلى الله عليه وسلم) وزاده شرفا وفضلا الباب الأول: في مراضعه (صلى الله عليه وسلم) 375
68 الباب الثاني: في إخوته (صلى الله عليه وسلم) من الرضاعة 379
69 الباب الثالث: في إسلام السيدة حليمة وزوجها رضي الله تعالى عنهما 382
70 الباب الرابع: في سياق قصة الرضاع وما وقع فيها من الآيات 386
71 جماع أبواب أسمائه (صلى الله عليه وسلم) وكناه الباب الأول: في فوائد كالمقدمة للأبواب الآتية 400
72 الباب الثاني: في الكلام على قوله (صلى الله عليه وسلم): " لي خمسة أسماء " وطرقه 402
73 الباب الثالث: في ذكر ما وقفت عليه من أسمائه الشريفة (صلى الله عليه وسلم) 407
74 الباب الرابع: في كناه (صلى الله عليه وسلم) 536