علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام، يقال له: سطيح، قال: فأته فاسأله عما سألتك عنه، ثم ائتني بتفسيره، فخرج عبد المسيح، حتى انتهى إلى سطيح، وقد أشفى على الضريح.
فسلم عليه، وكلمه فلم يرد إليه سطيح جوابا فأنشأ يقول:
أصم أم يسمع غطريف اليمن * أم فاد فاز لم به شأو العنن وأمه من آل ذئب بن حجن * أزرقنهم النياب صرار الأذن أبيض فضفاض الرداء والبدن * رسول قيل العجم يسري للوسن يجوب بي الأرض علنداة شزن * لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن ترفعني وجنا وتهوي بي وجن * حتى أتى عاري الجآجي والقطن تلفه في الريح بوغاء الدمن * كأنما حثحت من حضني ثكن قال: فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه يقول: عبد المسيح على جمل مشيح، أتى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها، يا عبد المسيح، إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاصت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما. يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت. ثم قضى سطيح مكانه فنهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول:
شمر فإنك ماضي العزم شمير * ا يفزعنك تفريق وتغيير إن تمسي ملك بني ساسان أفرطهم * فإن ذا الدهر أطوار دهارير فربما ربما أضحوا بمنزلة * يخاف صولهم الأشد المهاصير منهم أخو الصرح بهرام وإخوته * والهر مزان وشابور وسابور والناس أولاد علات فمن علموا * أن قد أقل فمحقور ومهجور ورب قوم لهم صحبان ذي أذن * بدت تلهيهم فيه المزامير وهم بنو الأم إما إن رأوا نشبا * فذاك بالغيب محفوظ ومنصور والخير والشر مقرونان في قرن * فالخير متبع والشر محذور قال: فلما قدم عبد المسيح على كسرى أضجره بما قال له سطيح، فقال كسرى إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا كانت أمور وأمور، فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان - رضي الله عنه..