وروى الطبراني وابن عساكر عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما -: قال: المشكاة:
جوف النبي صلى الله عليه وسلم. والزجاجة: قلبه. والمصباح: النور الذي في قلبه (توقد من شجرة مباركة) الشجرة: إبراهيم " زيتونة لا شرقية ولا غربية " لا يهودية ولا نصرانية. ثم قرأ: (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين).
رواه ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان. وقال عبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه -:
لو لم تكن فيه آيات مبينة * لكان منظره ينبيك بالخبر قال القاضي: وسمي بالنور لوضوح أمره وبيان نبوته وتنوير قلوب المؤمنين والعارفين بما جاء به.
وهو من أسمائه تعالى ومعناه ذو النور أي خالقه، ومنور السماوات والأرض بالأنوار ومنور قلوب المؤمنين بالهداية. والنور في الأصل: كيفية قائمة بالنفس لمقابلة المضئ لذاته. وفسره الجوهري بالضياء وهو أشد منه. وقال: هو الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار. وهو ضربان: مدرك بعين البصيرة وهو ما انتشر من النور الإلهي كنور العقل والقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم ومدرك بعين البصر وهو ما كان منتشرا من الأجسام كالقمر والشمس ونحوهما. وقد ذكر الفرق بينه وبين الضوء فيما مر. وأما الفرق بينهما وبين الشعاع والبريق فهو كما شرح المواقف أنهما شئ يتلألأ على الأجسام المستنيرة حتى كأنه يفيض منها ويكاد يستر لونها بخلاف الضوء والنور فإن الأول كيفية قائمة بالجسم لذاته والثاني كيفية قائمة به لغيره كما مر. ثم هذا التلألؤ واللمعان إن كان ذاتيا للجسم كالحاصل للشمس فهو الشعاع أو غير ذاتي للجسم بل مستفادا من غيره كالحاصل للمرآة عند محاذاتها للشمس بالبريق، فعلم من ذلك أن الشعاع كالضوء ذاتي للجسم، وأن البريق كالنور ليس ذاتا بل مستفاد من غيره.
فإن قيل: فإن كان الضياء أشد من النور فلم شبه الله تعالى به في قوله تبارك وتعالى (الله نور السماوات الأرض) ولم يشبهه بالضياء؟
فالجواب: أنه لو شبهه به لم يضل أحد من العقلاء، وقد سبق في علمه تعالى أن منهم:
شقي وسعيد ألا ترى أن النهار لا يضل فيه أحد لضوء الشمس الحاصل به، وربما ضل الطريق السائر ليلا مع وجود القمر ومن هنا تؤخذ حكمة تسميته صلى الله عليه وسلم بالنور دون الضوء، وإنما مثله بنور المصباح ولم يمثله بنور الشمس مع أن نورها أتم وأكمل وغير محتاج إلى مدد بخلاف نور المصباح لأن المقصود كما قال الإمام الرازي: تمثيل النور في القلب. والقلب في الصدر والصدر في البدن كالمصباح وهو الضوء في الفتيلة وهي في الزجاجة، والزجاجة في الكوة