" الأتقى ": أفعل تفضيل من تقى يتقي كقضى يقضي لا بد من اتقى يتقي الذي هو الأصل، فخفف لأن أفعل التفضيل لا يبنى من غير ثلاثي على ثلاثة.
روى مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد علمتم أني أتقاكم وأبركم وأصدقكم حديثا ".
قال الجوهري: التقي: المتقي. والتقى والتقوى واحد. وواوها مبدلة عن ياء لقولك:
اتقيت والتاء من واو لأنه من وقيت.
وأصل التقوى في اللغة: قلة الكلام. حكاه ابن فارس. وقال غيره: هي الخوف والحذر وأصلها: اتقاء الشرك ثم المعاصي، ثم الشبهات، ثم ترك الفضلات. وحقيقتها: التحرز بطاعة الله تعالى من مخالفته.
وقال رجل لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه: ما التقوى؟ قال: أخذت طريقا ذا شوك؟
قال: نعم. قال: كيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه.
قال: ذاك التقوى. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى.
وقد أشار إلى هذا المعنى ابن المعتز رحمه الله تعالى فقال:
خل الذنوب صغيرها * وكبيرها ذاك التقى واصنع كماش فوق أر * ض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة * إن الجبال من الحصا وأما إضافتها إلى الله تعالى في قوله تعالى: (هو أهل التقوى) فمعناه أهل لأن يتقى عقابه ويحذر عذابه.
وسئل علي رضي الله تعالى عنه عنها قال: هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس " (١).
رواه الإمام أحمد، وحسنه الترمذي.
تنبيه: قوله تعالى: (يا أيها النبي اتق الله) أمر بالدوام على التقوى. كقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله﴾ (2) أي داوموا على الإيمان.