سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ١ - الصفحة ٣٩٢
لقد سعدت حليمة حيث حازت * رضاعته ونالت كل فخر فدر عليه منها الثدي حالا * ولم يك قبل ذا يشفي بدر وأعلم أنه لأخيه حق * فغادر ثديها الثاني بوفر وشارفها جرت لبنا فأروت * وكانت لا تبض (1) لهم بقطر وأسرعت الأتان (2) به نهوضا * فأعجب كل من في الركب يسري وكانت من وراء القوم ضعفا * فصارت عن أمام القوم تجري فقالوا إن لابنك ذا لشأنا * أخذت مباركا فثقي بيسر وكان يشب في شهر كعام * إذا اعتبروا وفي يوم كشهر ويصبح دون صبيتهم دهينا * كحيلا طيبا من غير عطر وكانوا في أشد الأرض جدبا * فعم القطر منها كل قطر وخلف بيوتهم جبريل وافى * فشق الصدر منه بغير ضر وألقى مغمز الشيطان منه * فطهره فنال أتم طهر حشا منه الحشا علما وحلما * وإيمانا على ورع وصبر وأكرمه الإله بشق صدر * ووضع الوزر عنه ورفع ذكر فكان رضا بلا سخط وبذلا * بلا بخل وخيرا دون شر له خلق الملائك وهو خلق * من البشر الخصيص بكل بشر إله العرش أرسله بشيرا * نذيرا داعيا لهدى ويسر فأبدلنا بهدي بعد جهل * وعوضنا بيسر بعد عسر عليه صلاة رب العرش تندى * كما تندى الرياض بكل فجر يواصل عرفها (3) آلا وصحبا * كأن ثناهم نفحات زهر والشرف البوصيري حيث قال:
وبدت في رضاعه معجزات * ليس فيها عن العيون خفاء إذ أبته ليتمه مرضعات * قلن ما في اليتيم عنا غناء فأتته من آل سعد فتاة * قد أبتها لفقرها الرضعاء أرضعته لبانها فسقتها * وبنيها ألبانهن الشياء

(١) انظر الوسيط ١ / ٦٠.
(٢) الأتان: الأنثى من الحمير والجمع (آتن، أتن) المصباح المنير ص / 3 (3) العرف: الريح طيبة كانت أو خبيثة يقال: ما أطيب عرفه، وفي المثل: لا يعجر مسك السوء عن عرف، اللسان 4 / 2900.
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»
الفهرست