لتعالجه، فوالله إن أصابه ما أصاب إلا حسدا من آل فلان لما يرون من عظيم بركته يا حليمة أخذناه ولنا أعنز عجاف فهن اليوم ثلاثمائة.
قالت: فعزمت على ذلك. فسمعت مناديا ينادي: هنيئا لك يا بطحاء مكة اليوم يرد إليك النور والدين والبهاء والكمال فقد أمنت أن تخذلي أو تخزي أبد الآبدين.
قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: وزعم الناس فيما يتحدثون - والله تعالى أعلم - أن أمه السعدية لما قدمت به مكة أضلها في الناس وهي مقبلة نحو أهله، فألتمسته فلم تجده فأتت عبد المطلب فقالت: إني قدمت بمحمد هذه الليلة فلما كنت بأعلى مكة أضلني، فوالله ما أدري أين هو. فقام عبد المطلب عند الكعبة يدعو الله تعالى أن يرده صلى الله عليه وسلم عليه. زاد البيهقي رحمه الله تعالى: فقال عبد المطلب:
يا رب إن محمدا لم يوجد * فجمع قومي كلهم مبدد زاد ابن سعد وابن الجوزي فقال عبد المطلب:
لا هم رد راكبي محمدا * اردده لي ثم اتخذ عندي يدا أنت الذي جعلته لي عضدا * لا يبعد الدهر به فيبعدا أنت الذي سميته محمدا فسمع هاتفا من السماء: أيها الناس لا تضجوا إن لمحمد صلى الله عليه وسلم ربا لن يخذله ولن يضيعه. فقال عبد المطلب: من لنا به؟ فقال: إنه بوادي تهامة عند الشجرة اليمنى. فركب عبد المطلب نحوه وتبعه ورقة بن نوفل وسار فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم تحت شجرة يجذب غصنا من أغصانها فقال له جده: من أنت يا غلام؟ قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.
قال: وأنا جدك فدتك نفسي. واحتمله وعانقه وهو يبكي ثم رجع إلى مكة وهو قدامه على قربوس فرسه فاطمأنت قريش، ونحر عبد المطلب عشرين جزورا وذبح الشياه والبقر وأطعم أهل مكة من ذلك. انتهى.
قالت حليمة: فقالت أمه: ما ردكما به يا ظئر فقد كنتما عليه حريصين؟ قلنا: نخشى الإتلاف والأحداث فقالت: ما ذاك بكما أصدقائي شأنكما. فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره.
فقالت: أخشيتما عليه الشيطان؟ كلا والله ما للشيطان عليه سبيل، والله إنه لكائن لابني هذا شأن، ألا أخبركما خبره؟ قلنا: بلى. قالت: حملت به فما حملت حملا قط أخف منه، فأريت في النوم حين حملت به خرج مني نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام، ثم وقع حين ولدته وقعا ما يقعه المولود، معتمدا على يديه رافعا رأسه إلى السماء.
قالت حليمة: وحدثت عبد المطلب حديثه كله فقال: يا حليمة إن لابني هذا شأنا