للاحتفاد. قالوا: نعم ما رأيت. فألف بين الناس.
الاحتفاد: خفة العمل والإسراع فيه.
وروى البلاذري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: والله لقد علمت قريش أن أول من أخذ لها الإيلاف وأجاز لها العيرات لهاشم، والله ما أخذت قريش حبلا لسفر ولا أناخت بعيرا لحضر إلا بهاشم.
وكان هاشم رجلا موسرا، وكان يقوم أول يوم في ذي الحجة فيسند ظهره إلى الكعبة من تلقاء بابها فيخطب فيقول: يا معشر قريش أنتم سادة العرب أنسابا، وأنتم أقرب العرب بالعرب أرحاما، يا معشر قريش إنكم جيران بيت الله أكرمكم الله تعالى بولاية بيته وخصكم بجواره دون بني إسماعيل، حفظ منكم أحسن ما حفظ جار من جاره فأكرموا ضيفه وزوار بيته، فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد على ضوامر كالقداح وقد أرحضوا وثفلوا وقملوا وأرملوا، فاقروهم وأعينوهم، ولو كان لي مال يحمل ذلك كله كفيتكموه وأنا مخرج من طيب مالي وحلاله ما لم تقطع فيه رحم ولم يؤخذ بظلم ولم يدخل فيه حرام فواضعه، فمن شاء منكم أن يفعل مثل ذلك فعل، وأسألكم بحرمة هذا البيت أن لا يخرج رجل منكم من ماله لكرامة زوار بيت الله ومعونتهم إلا طيبا لم يؤخذ ظلما ولم يقطع فيه رحم ولم يؤخذ غصبا.
فكانت بنو كعب بن لؤي كلها تجتهد في ذلك، ثم يخرجون ذلك من أموالهم حتى إن كان أهل البيت ليرسلون بالشئ اليسير على قدرهم، وكان أهل اليسار منهم ربما أرسل بمائة مثقال هرقلية فيأتون به هاشما فيضعونه في داره دار الندوة.
وكان هاشم يخرج في كل سنة مالا كثيرا. وكان يأمر بحياض من أدم فتجعل في موضع زمزم من قبل أن تحفر زمزم ثم يستقي فهيا من الآبار التي بمكة فيشرب الحاج. وكان يطعمهم أول ما يطعمهم قبل التروية بيوم مكة وبمنى وبجمع وعرفة وكان يثرد لهم الخبز واللحم، والخبز والسمن، والسويق والتمر، ويحمل لهم الماء، ويفرق الناس لبلادهم.
وكان من أحسن الناس وأجملهم، وكانت العرب تسميه قدح النضار والبدر.
قال أبو سعد النيسابوري رحمه الله تعالى في " الشرف ": كان النور يرى على وجهه كالهلال يتوقد، لا يراه أحد إلا أحبه وأقبل نحوه.
وبعث إليه قيصر رسولا ليتزوج ابنته لما وجد في الإنجيل من صفته فأبى.
ولها شم من الأولاد: نضلة، وبه كان يكنى، وعبد المطلب والعقب منه. وأسد والد فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي رضي الله تعالى عنهما. وأبو صيفي. والشفاء، وخلدة. ورقية وحبيبة.