ثم إن أهل مكة خضبوا بعده.
الوسمة: كنبقة وتسكن: نبت يختضب بورقه.
وكان عبد المطلب جسيما أبيض وسيما طوالا فصيحا ما رآه أحد قط إلا أحبه، وصار إليه السقاية والرفادة، وشرف في قومه وعظم شأنه. وكان يعرف فيه نور النبوة وهيبة الملك.
ومكارمه أكثر من أن تحصر، فإنه كان سيد قريش غير مدافع نفسا وأبا وبيتا وجمالا وبهاء وفعالا.
قال الرشاطي رحمه الله تعالى: وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية. وله عدة بنين وبنات يأتي ذكرهم عند ذكر أعمام النبي صلى الله عليه وسلم وعماته، وتوفي وله مائة وعشرون سنة، وقيل خمس وثمانون وقيل غير ذلك.
تنبيه: قال السهيلي رحمه الله تعالى: ظاهر حديث أبي طالب لما قال له رسول صلى الله عليه وسلم:
" قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها "، فكان آخر كلامه أنه على ملة عبد المطلب يقتضي أن عبد المطلب مات على الشرك قال: ووجدت في بعض كتب المسعودي اختلافا في عبد المطلب، وأنه قد قيل فيه مات مسلما لما رأى من الدلالات على نبوته صلى الله عليه وسلم وعلم أنه لا يبعث إلا بالتوحيد. فالله أعلم.
غير أن في مسند الدارمي وسنن النسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة وقد عزت قوما من الأنصار: " لعلك بلغت معهم الكدى " ويروى الكرى بالراء يعني القبور؟ قالت لا. قال: " لو بلغت ذلك ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك " وهذا ظاهر في عدم إسلامه. انتهى.
وقد ذكره ابن السكن (1) في الصحابة لما جاء عنه أنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سيبعث كما ذكر بحيرى الراهب وسيف بن ذي يزن وقس بن ساعدة ونظائرهم ممن كان قبل البعثة.
والخبر رواه عنه العباس وتقدم. ولم يتعقب الحافظ في الإصابة ابن السكن بشئ غير أنه أورده في القسم الرابع وقد قال في أول الكتاب: إن القسم الرابع فيمن ذكر في كتب الصحابة على سبيل الوهم والغلط، وبين ذلك البيان الظاهر الذي يعول عليه على طريق أهل الحديث. إلى آخره.