ويرحم الله الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي حيث قال: تنقل أحمد نورا مبينا * تلألأ في وجوه الساجدينا تقلب فيهم قرنا فقرنا * إلى أن جاء خير المرسلينا المسلك الثالث: أن الله تعالى أحياهما له صلى الله عليه وسلم حتى آمنا به. وهذا المسلك مال إليه طائفة كثيرة من الأئمة وحفاظ الحديث واستندوا إلى حديث ورد بذلك لكن إسناده ضعيف.
وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات، وليس بموضوع، وقد نص ابن الصلاح في علوم الحديث وسائر من تبعه على أن ابن الجوزي تسامح في كتابه الموضوعات فأورد فيه أحاديث وحكم بوضعها وليست بموضوعة بل هي ضعيفة فقط، وربما تكون حسنة أو صحيحة.
قال الحافظ زين الدين العراقي رحمه الله تعالى في ألفيته:
وأكثر الجامع فيه إذ خرج * لمطلق الضعف عنى أبا الفرج وقد ألف شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر (1) رحمه الله تعالى رحمه الله تعالى كتابا سماه: " القول المسدد في الذب عن مسند أحمد " أورد فيه جملة من الأحاديث التي أوردها ابن الجوزي في الموضوعات وهي في مسند أحمد. ودرأ عنها أحسن الدرء، ووهم ابن الجوزي في حكمه عليها بالوضع، وبين أن منها ما هو ضعيف فقط من غير أن يصل إلى حد الوضع، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو صحيح، وأبلغ من ذلك أن منها حديثا مخرجا في صحيح مسلم. حتى قال شيخ الإسلام: هذه غفلة شديدة من ابن الجوزي حيث حكم على هذا الحديث بالوضع وهو في أحد الصحيحين. انتهى.
وسبقه إلى شئ من هذا التعقب شيخه حافظ عصره زين الدين العراقي، ورأيت في فهرست مصنفات شيخ الإسلام أنه شرع في تأليف تعقبات على ابن الجوزي، ولم أقف على هذا التأليف، وقد تتبعت أنا منه جملة من الأحاديث ليست بموضوعة، فمنها ما هو في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ومستدرك الحاكم وغيرها من الكتب المعتمدة وبينت حال كل حديث منها ضعفا وحسنا وصحة في تأليف حافل، يسمى: " النكت البديعات على الموضوعات ".