السباع لم تر قبل ذلك ولا بعده، فأثرت في جلودهم فإنه لأول ما رئي الجدري.
وروي أيضا عن عبيد بن عمير (1) رحمه الله تعالى أنها كالخطاطيف بلق.
وروى عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: دعا الله تعالى الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سودا عليها الطين، فلما حاذتهم صفت عليهم ثم رمتهم، فما بقي منهم أحد إلا أخذته الحكة فكان لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط لحمه.
وروى الفريابي (2) وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير رحمه الله تعالى أنها خرجت من قبل البحر كأنها رجال الهند معها حجارة أمثال الإبل البوارك، وأصغرها مثل رؤوس الرجال، لا تريد أحدا منهم إلا أصابته ولا أصابته إلا قتلته. والأبابيل: المتتابعة.
وروى أبو نعيم عن نوفل بن معاوية الديلي (3) رضي الله تعالى عنه قال: رأيت الحصى التي رمي بها أصحاب الفيل، حصى مثل الحمص وأكبر من العدس حمر مختمة كأنها جزع ظفار.
وروي أيضا عن حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه قال: كانت في المقدار بين الحمصة والعدسة حصى به نضح أحمر مختم كالجزع.
وروى ابن إسحاق والواقدي وأبو نعيم والبيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:
لقد رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان الناس.
وروى أبو نعيم وابن مردويه عن أبي صالح رحمه الله تعالى أنه رأى عند أم هانئ بنت أبي لهب من تلك الحجارة نحوا من قفيز مخططة كأنها جزع ظفار مكتوب في الحجر اسمه واسم أبيه.
قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: وليس كلهم أصيب. وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي جاؤوا منه يسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق، فقال نفيل بن حبيب في ذلك:
أين المفر والإله الغالب * والأشرم المغلوب ليس الغالب