الأرض بألفي سنة وهي من الأرض إنما كانت خشفة على الماء عليها ملكان من الملائكة يسبحان، فلما أراد الله تعالى أن يخلق الأرض دحاها منها فجعلها وسط الأرض.
وروى البيهقي في الشعب عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول بقعة وضعت في الأرض موضع البيت ثم مدت منها الأرض: وإن أول جبل وضعه الله - تعالى - على وجه الأرض أبو قبيس ثم مدت منه الجبال " (1).
وروى ابن أبي حاتم عن عطاء وعمرو بن دينار (2) - رحمهما الله تعالى - قالا: بعث الله تعالى ريحا فسفقت الماء فأبرزت موضع البيت على خشفة بيضاء فمد الله تعالى الأرض منها فلذلك هي أم القرى.
وروى ابن مردويه عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، " أم القرى مكة ".
قال السهيلي رحمه الله تعالى: وفي التفسير أن الله - سبحانه وتعالى - لمات قال للسماوات والأرض (ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) لم يجبه بهذا إلا أرض الحرم.
وروى عبد بن حميد والأزرقي واللفظ له عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال:
لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله عز وجل السماوات والأرض بعث الله - تعالى - ريحا صفاقة فصفقت الريح الماء فأبرزت عن حشفة في موضع البيت كأنها قبة، فدحا الله تعالى الأرض من تحتها فمادت ثم مادت فأوتدها الله تعالى بالجبال، فكان أول جبل وضع فيها أبو قبيس فلذلك سميت (مكة) (3) أم القرى.
سفقت يقال بالسين والصاد المهملتين: أي ضرب بعضه ببعض.
وروى الأزرقي من طريق ابن جريج عن مجاهد رحمه الله تعالى قال: بلغني أنه لما خلق الله تعالى السماوات والأرض كان أول شئ وضعه فيها البيت الحرام، وهو يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان أحدهما شرقي والآخر غربي، فجعله مستقبل البيت المعمور، فلما كان زمن الغرق في ديباجتين فهو فيهما إلى يوم القيامة واستودع الله تعالى الركن أبا قبيس.