الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٥٨١
نبيك وصفيك، اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به ظهري (١). قال أبو ذر (رض) فوالله ما استتم رسول الله الكلام (٢) حتى هبط عليه (٣) جبرئيل (عليه السلام) من عند الله عز وجل وقال: [يا محمد هنيئا لك ما وهب الله لك في أخيك، قال: وما ذاك يا جبرئيل؟ قال: أمر الله أمتك بموالاته إلى يوم القيامة، وأنزل قرآنا عليك] اقرأ ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون﴾ (4).
ونقل الواحدي في كتابه المسمى بأسباب النزول أن الحسن (5) والشعبي (6) والقرطبي (7) قالوا: إن عليا والعباس وطلحة بن شيبة افتخروا، فقال طلحة: أنا

(١) في (ب): أزري.
(٢) في (أ): فما استتم دعاءه.
(٣) في (أ): نزل.
(٤) المائدة: ٥٥، وسبق وان فصلنا الكلام في ذلك.
(٥) هو الحسن بن أبي الحسن بن يسار مولى الأنصار وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) وهو من سبي " ميسان " ويسار بالبصرة ويسمى " نهر المرأة " حفره أردشير الأصغر كما في (معجم البلدان) ويسمى أبو سعيد مات سنة (١١٠ ه‍) كما جاء في تهذيب التهذيب: ٢ / ٢٦٣ - ٢٧١، والمعارف لابن قتيبة: ١٨ و ١٣٦ و ٢٦٤ و ٤٤٠ سبق وأن ترجمنا له سابقا.
(٦) وهو عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي من حمير ونسب إلى جبل باليمن مات سنة (١٠٥ ه‍) سبق وأن ترجمنا له. انظر ترجمته أيضا في المعارف: ٤٤٩، وعيون الأخبار: ١ / ٣١٥، وتهذيب التهذيب:
٥
/ ٦٥.
(٧) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (٦٧١ ه‍) انظر ترجمته في تفسيره المسمى ب‍ " الجامع لأحكام القرآن " دار إحياء التراث العربي تصحيح أحمد عبد العليم البردوني.
عود على بدء: إن سبب نزول هذه الآية ورد بطرق متعددة فمنهم من قال - كالشعبي -: كانت بين علي (عليه السلام) والعباس منازعة فقال العباس لعلي (عليه السلام): أنا عم النبي وأنت ابن عمه، وإلي سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، فأنزل الله الآية. وقيل - كما جاء في مناقب علي: الورق ٣٤ ح ٨٠، وشواهد التنزيل:
١
/ ٣٢٣ ح ٣٣٢ عن ابن سيرين قدم علي (عليه السلام) من المدينة إلى مكة فقال للعباس: يا عم ألا تهاجر؟ ألا تلحق برسول الله (صلى الله عليه وآله).... وقيل: إن العباس قال لعلي (عليه السلام): أنا أفضل منك، أنا ساقي بيت الله... كما في شواهد التنزيل ١ / ٣٢٤ ح ٣٣٣ عن عروة بن الزبير. وقيل - كما في الطبري: ١٠ / ٩٦، والشواهد ح ٣٣٥ -: افتخر علي والعباس وشيبة بن عثمان، فقال العباس: أنا أفضلكم... وقال شيبة: أنا أعمر مسجد الله... وقال علي: أنا هاجرت... وأجاهد معه (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله الآية... كما ورد ذلك عن السدي.
وقيل: إن العباس افتخر على شيبة - كما ورد في تاريخ دمشق: ٩٠٩ - وقال له: أنا أشرف منك أنا عم النبي ووصي أبيه وساقي الحجيج، فقال شيبة: أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه... حتى أشرف عليهما علي فقال له العباس: على رسلك يا ابن أخ، فوقف علي فقال له العباس: إن شيبة فاخرني فزعم انه أشرف مني... فقال علي لهما: اجعلا لي معكما مفخرا، قالا: نعم. قال: فأنا أشرف منكما، أنا أول من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمة، وهاجر وجاهد... فانطلقوا إلى النبي فجثوا بين يديه... فنزلت الآية كما ورد ذلك عن أنس.
ولسنا بصدد بيان ذلك ومن شاء فيراجع المصادر التالية بالإضافة إلى المصادر التي سنذكرها في سبب نزول الآية، انظر خصائص الوحي المبين: ١١٤ الطبعة الثانية الفصل ٩، والمناقب لابن المغازلي:
٣٢١ ح ٣٦٧ و ٣٦٨، غاية المرام: ٣٦٢ ب ٦٣، العمدة لابن البطريق: ٩٨ ب ٢٣، النور المشعل: ٩٨ الطبعة الأولى، أسباب النزول: ١٨٢، المصنف لابن أبي شيبة: ٧ / ١٦٠ ح ٦١، و: ١٢ / ٨١ ط الهند، مناقب الإمام علي للصنعاني: ٣٤ ح ٨٠، تفسير الطبري: ١٠ / ٩٦، و: ٦ / ٣٣٧ ط أخرى، فرائد السمطين: ١ ب ٤١ ح ١٧٠ / ٢٠٣ ط بيروت، تفسير البرهان: ٢ / ١١٠ الطبعة الثانية، مناقب آل أبي طالب: ١ / ٣٤٣، الغدير: ٢ / ٥٣ ط بيروت.
تفسير القرطبي: ٨ / ٩١ - ٩٢، تفسير ابن كثير: ٢ / ٣٤١ و ٣٥٥ ط أخرى، فتح القدير: ٢ / ٣٤٦، تفسير الخازن: ٣ / ٥٧، تفسير الرازي: ٤ / ٤٢٢ ط دار الطباعة العامرة بمصر، و: ١٦ / ١٠ ط البهية بمصر، معالم التنزيل للبغوي بهامش تفسير الخازن: ٣ / ٥٦، أسباب النزول للسيوطي بذيل تفسير الجلالين: ٢٦١ ط بيروت، الدر المنثور: ٣ / ٢١٨، نور الأبصار: ٧٠ ط السعيدية و ٧١ ط العثمانية، كفاية الطالب ٢٣٧ ط الحيدرية و ١١٣ ط الغري. نظم درر السمطين: ٨٩، ينابيع المودة: ٩٣ ط إسلامبول و ١٠٦ ط الحيدرية، و: ١ / ٢٧٧، و: ٢ / ٣٤١، و: ٣ / ٣٦٧ و ٣٧٦ ط أسوة، تاريخ دمشق:
٢ / ٤١٣ ح ٩١٠، جامع الأصول لابن الأثير: ٩ / ٤٧٧، إحقاق الحق: ٣ / ١٢٢ و ١٢٨، فرائد السمطين: ١ / ٢٠٣ ح ١٥٩، مجمع البيان: ٣ / ٢٢.
نزهة المجالس للصفوري: ٢ / ٢٤٢ و ٢٠٩ ط أخرى، لكن في هذا الكتاب أن المفاخرة جرت بين العباس وحمزة فقال: حمزة: أنا خير منك لأني على عمارة الكعبة، وقال العباس: أنا خير منك لأني على سقاية الحاج، فقالا: نخرج إلى الأبطح ونتحاكم إلى أول رجل نلقاه، فوجدا عليا (عليه السلام) فتحاكما على يديه، فقال أنا خير منكما، لأني سبقتكما إلى الإسلام. فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك فضاق صدره لافتخاره على عميه، فأنزل الله تصديقا لكلام علي (عليه السلام) وبيانا لفضله فنزلت الآية - ونحن لا نريد التعليق على ضيق صدر النبي (صلى الله عليه وآله) بل نترك ذلك للغدير: ٢ / ٥٥، كما نترك التعليق للقارئ أيضا على أنه (عليه السلام) صلى ستة أشهر قبل الناس لأننا ناقشنا ذلك سابقا وأثبتنا أنه صلى على بعض الروايات قبل الناس بخمس سنين وعلى البعض الآخر بتسع سنين، وفي أغلبها سبع سنين. راجع المناقب لابن شهرآشوب: ٢ / ٦٩، مسند أحمد: ١ / ١٩٩، بحار الأنوار: ٣٦ / ٣٠ و ٣٦، دلائل الصدق: ٢ / ١٦٠، كشف اليقين: ١٢٣، فضائل الخمسة من الصحاح الستة: ١ / ٢٧٩، تفسير الميزان: ٩ / ٢١٠.
لكن ومع كل هذه المصادر نجد أن صاحب تفسير المنار يحيد عن الحقيقة في: ١٠ / ٢١٥ ولم يذكر أسماء الذين تفاخروا بل يعتمد فقط على حديث النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نفر من أصحابه فقال رجل منهم: ما أبالي أن لا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام، وقال آخر: بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم... فزجرهم عمر بن الخطاب... الخ، لكن في ٢١٦ يروى أن الآية نزلت في علي (عليه السلام) ونقل بعض الروايات ثم قال: والمعتمد من هذه الروايات حديث النعمان لصحة سنده. ولا نريد أن نجيب صاحب المنار بل نشير إشارة إلى أن رواية النعمان لا تنسجم مع الآيات التي وردت هذا أولا. وثانيا: أن الآيات لم تقارن بين الجهاد والسقاية للحجيج والعمارة للمسجد الحرام وإنما هي بدور المفاضلة، والقرآن يقول بأن هذين الأمرين لا يمكن المقارنة بينهما. وثالثا: أن هذه الأعمال - أي السقاية والعمارة - كانتا في زمن الجاهلية من المفاخر والمآثر والسدانة للبيت كذلك، أما الجهاد فلم يكن له مفهوم في الجاهلية أصلا، وهذا يعنى تفوق ذوي الإيمان والهجرة والجهاد على غيرهم، وهذا لا ينسجم كله مع رواية النعمان، وهذا لا يعني أيضا أن السقاية والعمارة عمل غير جيد بل إنه جيد وحسن بذاته وإن صدر من المشرك لكنه لا يقبل، مع العلم أن العباس وطلحة مشهوران في هذه الأعمال فكيف يقول " في نفر من الصحابة " وهما أيضا من المؤمنين وربما اشتركوا في الجهاد ثم الهجرة.
وانظر كذلك نور الثقلين: ٢ / ١٩٤، روضة الكافي: ١٧٣ ح ٢٤٥، المسترشد في إمامة أمير المؤمنين: 352.
(٥٨١)
مفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (6)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (4)، تفسير الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي (1)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (2)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)، كتاب نور الأبصار للشبلنجي (1)، كتاب تفسير ابن كثير (1)، كتاب تفسير المنار لمحمد عبده (1)، كتاب خصائص الوحي المبين للحافظ ابن البطريق (1)، كتاب نظم درر السمطين للزرندي (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلى الله عليه وآله (1)، كتاب كشف اليقين للعلامة الحلي (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، كتاب تفسير الطبري (1)، كتاب تفسير الرازي للرازي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب تفسير البرهان (1)، كتاب معجم البلدان (1)، إبن المغازلي (1)، مدينة بيروت (3)، إبن الأثير (1)، كتاب بحار الأنوار (1)، الحسن بن أبي الحسن (1)، أبو عبد الله (1)، النعمان بن بشير (1)، ابن شهرآشوب (1)، ابن البطريق (1)، محمد بن أحمد (1)، سبيل الله (1)، مسجد الحرام (3)، القرآن الكريم (2)، الهند (1)، دمشق (2)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، الصدق (1)، الموت (2)، الجهل (2)، الحج (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 576 577 578 579 580 581 583 584 585 586 587 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649