النزاع والتخاصم - المقريزي - الصفحة ٩٨
فصدق الحسن عليه السلام فيما قاله (1).
ذهب بعضهم إلى أن السر في خروج الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علي ابن أبي طالب إلى أبي بكر وعمر ثم عثمان إن عليا لو ولي الخلافة حينئذ وهو أبو الحسنين لأوشك أن يقول قائل ويتخيل متخيل أنه ملك متوارث لا يكون إلا في أهل البيت كما تزعمه الرافضة، فصان الله العقائد من هذه الشبهة كما صانها من شبهة قول القائل عن النبي صلى الله عليه وسلم هو رجل يطلب ملك أبيه وهو معنى حسن (2).

(١) - ربيع الأبرار: ٢ / ٨٣٧، وكتاب المجتنى: ٢٣.
(٢) - أقول: لا يستقيم هذا المعنى لأن قسم الصحابة بعد وفاة كان هواهم مع علي وقد صرحوا بذلك كما هو معروف في كتب التاريخ وإليك نموذج من ذلك:
تصريح الصحابة بأحقية علي عليه السلام تصريح الإمام حسن بن علي عليه السلام:
أخرجه أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين، قال في رسالته لمعاوية: (فلما توفي صلى الله عليه وسلم تنا؟
قريشا بمثل ما حاجت به العرب فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها... واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا، فالموعد الله وهو الولي النصير.
وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا صلى الله عليه وسلم وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده، فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله) (مقاتل الطالبيين: ٦٥ ذكر الخبر في بيعة الحسن بعد وفاة أمير المؤمنين، وأهل البيت لتوفيق أبي علم: ٣١٣ رسالة الإمام إلى معاوية).
* أقول: وللأمام الحسن مقولة مشهورة لأبي بكر: (انزل عن منبر أبي) (السقيفة: ٦٦، وشرح النهج: ٦ / ٤٢ الخطبة ٦٦، وأنساب الأشراف: ٣ / ٢٧، ومقتل الخوارزمي:
١ / ٩٣، وكنز العمال: ٥ / ٦١٦ ح ١٤٠٨٥ و ١٣ / ٦٥٤ ح ٣٧٦٦٢، وكفاية الطالب: ٤٢٤).
تصريح الحسين بن علي عليهما السلام وذلك في قوله لعمر: (انزل عن منبر أبي) (تاريخ دمشق: ١٤ / ١٧٥ ترجمة الحسين عليه السلام، وكنز العمال: ٥ / ٦١٦ ح ١٤٠٨٥ و ١٣ / ٦٥٤ ح ٣٧٦٦٢).
تصريح فاطمة بنت محمد عليها السلام كانت فاطمة بنت محمد المدافع الأول عن نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم عن خلافته التي قضى عمره الشريف في تبليغ الإسلام وبالخلافة يحفظ الإسلام، فكانت صلوات الله عليها تخرج مع علي عليه السلام تدعو لنصرته (الإمامة والسياسة: ١ / ٢٩).
وقد أبرزت ذلك بقولها في مواقف عدة من ذلك ما قالته صلوات الله عليها في خطبتها في مجلس أبي بكر بعد وفاة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله جاء فيها:
(... حتى إذا اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم دار أنبيائه ظهرت حسكة النفاق وسمل جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين، ونبع خامل الآفلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، واطلع الشيطان رأسه صارخا بكم فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة ملاحظين، ثم استنهضكم، فوجدكم خفافا وأحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم وأوردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب؟! والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، بماذا زعمتم: خوف الفتنة؟
ألا في الفتنة سقطوا...) (التذكرة الحمدونية: ٦ / ٢٥٧ ح ٦٢٨، وبلاغات النساء: ٢٥ كلام فاطمة، وأهل البيت لتوفيق أبي علم: ١٥٩، ومقتل الحسين للخوارزمي: ٧٨ الفصل الخامس).
وقالت عليها رضوان الله تعالى: (... ونحن بقية استخلفنا عليكم ومعنا كتاب الله بينة بصائره، وآي فينا، منكشفة سرائره وبرهان منجلية ظواهره..) (بلاغات النساء: ٢٨ كلام فاطمة عليها السلام).
- وقالت عليها السلام في مرض وفاتها للنساء الذين دخلن عليها:
(... ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ومهبط الروح الأمين الطبن بأمور الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين، وما الذي نقموا من أبي الحسن نقموا والله منه نكير سيفه وشدة وطأته، ونكال وقعته وتنمره في ذات الله، ويا لله لو تكافئوا على زمام نبذه رسول الله صلى الله عليه وسلم لسار بهم سيرا سجحا (سهلا)، لا يكلم خشاشه ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم منهلا رويا... ولفتحت عليهم بركات من السماء.. إلى أي لجأ لجأوا وأسندوا، وبأي عروة تمسكوا، ولبئس المولى ولبئس العشير، استبدلوا والله الذنابي بالقوادم والعجز بالكاهل، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا إلا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ويحكم: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون...
أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) (بلاغات النساء: ٣٢ - ٣٣ كلام فاطمة، والسقيفة للجوهري:
١١٧ - ١١٨، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ١٦ / ٢٣٣ كتاب ٤٥، وأهل البيت لتوفيق أبي علم: ١٧٦ - ١٧٧).
ومنه ما قالته عليها السلام في مجلس الأنصار:
(ألا وقد قلت الذي قلته على معرفة مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستشعرته قلوبكم، ولكن قلته فيضة النفس ونفثة الغيظ وبثة الصدر ومعذرة الحجة، فدونكموها فاحتقبوها مدبرة الظهر ناقبة الخف، باقية العار، موسومة بشنار الأبد..) (التذكرة الحمدونية: ٦ / ٢٥٩ ح ٦٢٨، وبلاغات النساء: ٣١ كلام فاطمة، والسقيفة للجوهري: ١٠٠، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ١٦ / ٢١١ كتاب ٤٥).
وزاد الجوهري: (... أفتأخرتم بعد الإقدام ونكصتم بعد الشدة وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم، فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون) (السقيفة: ١٠٠، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ١٦ / ٢١١ كتاب ٤٥).
وزاد الطبري الأمامي من طريق أهل البيت عليهم السلام: (... فما جعل الله لأحد بعد غدير خم من حجة ولا عذر) (دلائل الإمامة: ٣٨).
وأخرج الجزري بسنده عن فاطمة عليها السلام أنها قالت لهم:
(أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم: (من كنت مولاه فعلي مولاه؟!).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام).
وقال: وهكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء (أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب: ٣٣ ح ٥).
* أقول: هذه جملة ما وصل إلينا من تصريحات فاطمة عليها السلام، وقد ذكر أصحابنا الكثير منها، أغمضنا عن ذكرها لأن الفضل ما شهدت به غيرنا (راجع دلائل الإمامة: ٣٨ - ٤٠، والاحتجاج: ١ / ٩٧ إلى ١٠٩).
تصريح أبو بكر بن أبي قحافة أخرجه الجوهري عن المغيرة قال: مر المغيرة بأبي بكر وعمر وهما جالسان على باب النبي
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 98 98 98 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم وتعليق 7
2 نبذة عن حياة المؤلف 7
3 مشايخه 8
4 مذهبه 9
5 مؤلفاته 10
6 طبعات الكتاب 16
7 تاريخ النزاع 21
8 مذاهب الخلافة وأسبابها 24
9 نصوص النبي على أمير المؤمنين علي 24
10 الأفضلية شرط الخلافة 28
11 ما ورد في صفات الخليفة 42
12 المؤذون لرسول الله صلى الله عليه وآله 50
13 ابعاد النبي صلى الله عليه وآله لبني أمية 63
14 شعب أبي طالب وصحيفة قريش 66
15 فضائح بني أمية 71
16 مرض النبي صلى الله عليه وآله وطلب الخلافة 77
17 لعن بني مروان وبني العاص 81
18 تنزه أهل البيت عن الخلافة وأوساخ الدنيا 87
19 انحصار القطبية والخلافة الباطنية بأهل البيت 88
20 تصريح الصحابة بأحقية علي 98
21 تصريح الحسن والحسين 98
22 تصريح فاطمة 99
23 تصريح أبو بكر وعمر 101
24 تصريح عثمان ومعاوية 102
25 تصريح سلمان 103
26 تصريح العباس 104
27 تصريح أبو سفيان وابن عباس 105
28 تصريح المقداد 106
29 تصريح عمار وأبو ذر 107
30 بقية التصريحات 108
31 مصادر سد الأبواب إلا باب علي 113
32 بعض نصوص حديث سد الأبواب 116
33 صحة حديث سد الأبواب 118
34 جمع ابن حجر في الحديث والرد عليه 120
35 استدلال ابن بطال بالحديث 120
36 نموذج من سرقة الفضائل 127
37 ذكر خلفاء بني العباس وأعمالهم 135
38 تشابه أمة النبي صلى الله عليه وآله بالأمم السابقة 153