النزاع والتخاصم - المقريزي - الصفحة ٨٨
تعرف ولله في خلقه قضاء يمضيه (1).
ويأبى الله أن يتم شئ من أمر الدنيا إلا ويعتريه النقص.
لما كانت بنو هاشم من قريش اختصها الله سبحانه بهذا الأمر أعني الدعوة إلى الله تعالى والنبوة والكتاب، فحازت بذلك الشرف الباقي (2)، وكانت أحوال

(١) - في هامش النسخة: يقضيه.
(٢) - تأييد للمصنف:
انحصار القطبية والخلافة الباطنية بأهل البيت عليهم السلام قال أبو بكر الحضرمي: بل ذهب بعض العلماء إلى أن المجدد الذي يبعث على رأس ك‍ ل مائة سنة لا يكون إلا من أهل البيت مستدلا بحديث أحمد بن حنبل الآتي.
وقد ذكر ذلك الجلال السيوطي قدس الله سره في منظومة له ذكر فيها المجددين قال: (وأن يكون في حديث قد روي من أهل بيت المصطفى وهو قوي، والحديث المذكور هو ما أخرجه ابن عساكر من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل رضي الله عنهما قال: سمعت أب‍ ي يقول: رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(يقيض الله في رأس كل مائة سنة رجلا من أهل بيتي يعلم أمتي الدين).
وأخرج أبو سعيد الهروي من طريق حميد ابن زنجويه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
يروى في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يمن على أهل دينه في رأس كل مائة سنة برجل من أهل بيتي يبين لهم أمر دينهم) (حلية الأولياء: ٩ / ٩٧ ترجمة الشافعي بسنده إلى أحمد، والمشرع الروي: ١ / ٢٠ عن أحمد).
وقال الحافظ جلال الدين المذكور: وأقول: إن الرواية المقيدة بقوله: (من أهل بيتي) وإن كانت غير معروفة السند، فإن أحمد أوردها بغير إسناد، ولم يوقف على إسنادها في شئ من الكتب ولا الأحاديث، إلا أنها في غاية الظهور من حيث المعنى، فإن القائم في هذا المنصب الشريف جدير بأن يكون من أهل البيت النبوي، وهو نظير قول من اشترط في القطب أن يكون من أهل البيت.
إلا أن القطب من شأنه غالبا الخفاء وعدم الظهور، فإذا لم يوجد في الظاهر من أهل البيت من يصلح للاتصاف حمل على أنه قام بذلك رجل منهم في الباطن.
وأما القائم بتجديد الدين فلا بد أن يكون ظاهرا حتى يسير عمله في الآفاق وينشر في الأقطار، ولا يمكن أن يقال في المئات السابقة: لعل رجلا من أهل البيت قام بذلك في الباطن، لأن ذلك غير مقصود الحديث.
والحاصل أن الأوجه من حيث المعنى أن المناصب الثلاثة لا يقوم بها إلا رجل من أهل ال‍ بيت:
- منصب الخلافة الظاهرة وهي القيام بأمر الإمام.
- ومنصب الخلافة الباطنة وهي القطبية.
- ومنصب تجديد الدين على رأس كل مائة سنة.
ولكن يبقى النظر في تحرير المراد بأهل البيت، فإن أراد صلى الله عليه وسلم بقول‍ ه: (رجل من أهل بيتي) أي من قريش، كما هو المراد في الخلافة الظاهرة اتسع الأمر وسهل، وحينئذ فلا يعدم واحد من المذكورين أن يكون قرشيا) (رشفة الصادي ١٢٦).
وأخرج علي بن حميد في مسنده عن أمالي أبي طالب بسنده إلى علي قال: قال النبي: (عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإيمان وليا من أهل بيتي موكلا يذب عنه الحق وينوره ويرد عنه كيد الكائدين، فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله). مسند شمس الأخبار:
١ / ١٣٣ الباب السادس عشر.
أقول: ذكر انحصار القطبية بهم كل من السمهودي والسفاريني وابن حجر والعلامة الصبا ن والقطب الشعراني. جواهر العقدين: ٢٠٦، وإسعاف الراغبين: ١٩٢ بهامش نور الابصار، ولوامع أنوار الكوكب: ٢ / ٧١، والإتحاف بحب الأشراف: ٢٠، ودرر الغواص للشعراني:
96 المطبوع بهامش كتاب الابريز ط. مصر 1306 الأولى.
* قال الإمام الفاروقي مجدد الألف الثاني: القطبية لم تكن على سبيل الأصالة إلا لأئمة أهل البيت المشهورين، ثم إنها صارت بعدهم لغيرهم على سبيل النيابة... فإذا جاء المهدي ينالها أصالة كما نالها غيره من الأئمة. تفسير روح المعاني: 12 / 28 مورد آية التطهير.
وقال العلامة الآلوسي: قطب الأقطاب لا يكون إلا منهم لأنهم أزكى الناس أصلا وأوفره‍ م فضلا، وأن من ينال هذه الرتبة منهم لا ينالها إلا على سبيل الأصالة دون النيابة والوكالة، وأنا لا أتعقل النيابة في ذلك المقام - تفسير روح المعاني: 12 / 28 مورد آية التطهير.
* وقال الحكيم الترمذي:... وقوله (أهل بيتي أمان لأمتي) فأهل بيته من خلفه من بعده على منهاجه، وهم الصديقون والأبدال.... فإذا ماتوا فسدت الأرض وخربت الدنيا....، فعلم أن المراد به من به تقوم الدنيا، وهم أعلامه وأدلة الهدى في كل وقت، فإذا تفانوا لم يبق للأرض حرمة، فعمهم بالبلاء. نوادر الأصول للحكيم الترمذي: 3 / 63 - 66 الأصل الثاني والعشرون والمائتان.
* وقال الشيخ الرفاعي: شاع وذاع في سائر البقاع من أن أكابر الأولياء والأقطاب والأوتاد والأنجاب والأفراد والأحباب من آل هذا النبي الأواب، واتفقت كلمتهم قديما وحديثا أن رئيس الأقطاب الملقب بالغوث لا يكون إلا من الآل بلا ريب ولا إشكال، ولا شك في أن الغوث هو الذي يتلقى خلعة الولاية من رسول الله ويوصلها إلى من اختاره الله - ضوء الشمس: 1 / 119.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم وتعليق 7
2 نبذة عن حياة المؤلف 7
3 مشايخه 8
4 مذهبه 9
5 مؤلفاته 10
6 طبعات الكتاب 16
7 تاريخ النزاع 21
8 مذاهب الخلافة وأسبابها 24
9 نصوص النبي على أمير المؤمنين علي 24
10 الأفضلية شرط الخلافة 28
11 ما ورد في صفات الخليفة 42
12 المؤذون لرسول الله صلى الله عليه وآله 50
13 ابعاد النبي صلى الله عليه وآله لبني أمية 63
14 شعب أبي طالب وصحيفة قريش 66
15 فضائح بني أمية 71
16 مرض النبي صلى الله عليه وآله وطلب الخلافة 77
17 لعن بني مروان وبني العاص 81
18 تنزه أهل البيت عن الخلافة وأوساخ الدنيا 87
19 انحصار القطبية والخلافة الباطنية بأهل البيت 88
20 تصريح الصحابة بأحقية علي 98
21 تصريح الحسن والحسين 98
22 تصريح فاطمة 99
23 تصريح أبو بكر وعمر 101
24 تصريح عثمان ومعاوية 102
25 تصريح سلمان 103
26 تصريح العباس 104
27 تصريح أبو سفيان وابن عباس 105
28 تصريح المقداد 106
29 تصريح عمار وأبو ذر 107
30 بقية التصريحات 108
31 مصادر سد الأبواب إلا باب علي 113
32 بعض نصوص حديث سد الأبواب 116
33 صحة حديث سد الأبواب 118
34 جمع ابن حجر في الحديث والرد عليه 120
35 استدلال ابن بطال بالحديث 120
36 نموذج من سرقة الفضائل 127
37 ذكر خلفاء بني العباس وأعمالهم 135
38 تشابه أمة النبي صلى الله عليه وآله بالأمم السابقة 153