ولما نزل قوله - تعالى - (1): (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع خاصة أهله وعشيرته وهم بنو عبد المطلب في دار أبي طالب وكانوا أربعين رجلا وأمر أن يصنع لهم فخذ شاة مع مد من طعام البر ويعد لهم صاعا من اللبن وقد كان الرجل منهم معروفا بأكل الجذعة [في مقعد واحد] (2) وبشرب الزق (3) من الشراب. فأكلت الجماعة كلها من ذلك اليسير حتى شبعوا ولم ينقص الطعام فبهرهم بذلك وبين لهم آية نبوته.
ثم قال: يا بني عبد المطلب إن الله وبعثني إلى الخلق كافة وبعثني إليكم خاصة فقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان تملكون بهما العرب والعجم وتنقاد بهما لكم الأمم وتدخلون بهما الجنة وتنجون بهما من النار شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. فمن يجبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووزيري ووصيي [ووارثي] (4) وخليفتي من بعدي. فلم يجب أحد منهم.