بعد ذلك أربعين رجلا فكملت (1) الهزيمة وحصل الأسر (2).
وفي غزاة تبوك: أوحى الله - تعالى - إلى نبيه أنه لا يحتاج إلى القتال وكلفه المسير بنفسه واستنفار (3) الناس معه. فاستنفرهم (4) النبي - صلى الله عليه وآله - إلى بلاد الروم وقد أينعت ثمارهم واشتد الحر فأبطأ أكثرهم عن طاعته حرصا على المعيشة وخوفا من الحر ولقاء العدو ونهض بعضهم. واستخلف أمير المؤمنين - عليه السلام - على المدينة وعلى أهله بها وحريمه. وقال - صلى الله عليه وآله -: إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك. لأنه - عليه السلام - علم ما عليه الأعراب الذين حول مكة وغزاهم وسفك دماءهم فأشفق أن يطأوا (5) على المدينة عند نأيه عنها فمتى لم يقم فيها من يماثله وقع الفساد فيها. ولما علم المنافقون استخلافه له حسدوه وعلموا أن المدينة تتحفظ به وينقطع (6) [طمعهم و] (7) طمع العدو فيها (8) وغبطوه على الدعة عند أهله فأرجفوا به وقالوا: إنه لم يستخلفه إكراما له وإجلالا بل [استقلالا به و] (9) استثقالا به. مع علمهم بأنه أحب الناس إليه.
فلحق بالنبي - صلى الله عليه وآله - وقال (10): إن المنافقين زعموا إنك خلفتني استثقالا بي.