76 - قيل: دخل أبو جعفر ولده (عليهما السلام) عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفر لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة فقال أبو جعفر (عليه السلام): فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة له وإذا هو يفكر، فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي وقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا ثم تركها من يده ضجرا وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب (عليه السلام):
77 - قيل: كان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا أراد الصلاة أصفر لونه فيقول له أهله: ما هذا الذي يغشاك، فيقول: أتدرون لمن أتأهب للقيام بين يديه.
78 - قيل: كان بالمدينة كذا وكذا أهل بيت، يأتيهم رزقهم وما يحتاجون إليه، لا يدرون من أين يأتيهم، فلما مات علي بن الحسين (عليهما السلام) فقدوا ذلك.
79 - من كتاب الروضة قال أبو حمزة: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا تكلم في الزهد ووعظ أبكى من بحضرته، قرأت عليه صحيفة فيها كلام زهد:
بسم الله الرحمن الرحيم - كفانا الله وإياك كيد الظالمين، وبغي الحاسدين، وبطش الجبارين، أيها المؤمنون لا يفتننكم الطواغيت، وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا، المائلون إليها، المفتتنون بها، المقبلون عليها، وعلى حطامها الهامد، وهشيمها البائد غدا (1).
واحذروا ما حذركم الله منها، وازهدوا فيما زهدكم الله فيه، ولا تركنوا إلى [ما] (2) في هذه الدنيا ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان،