وضلال البدع، وجور الملوك الظلمة، فقد (١) لعمري استدبرتم الأمور الماضية في الأيام الخالية من الفتن المتراكمة، والانهماك فيما تستدلون به على تجنب الغواة وأهل البدع والبغي والفساد في الأرض بغير الحق، فاستعينوا بالله وارجعوا (٢) إلى طاعة الله وطاعة من هو أولى بالطاعة ممن اتبع وأطيع.
فالحذر الحذر من قبل الندامة والحسرة، والقدوم على الله، والوقوف بين يديه، وبالله (٣) ما صدر قوم قط معصية الله إلا إلى عذابه، وما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم وساء مصيرهم، وما العلم بالله والعمل إلا الفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه، وحثه الخوف على العمل بطاعة الله وأن أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله، فعملوا له، ورغبوا إليه، وقد قال الله ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (4).
ولا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا لمعصية الله، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله، واغتنموا أيامها، واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله، فإن ذلك أقل للتبعية (5) وأدنى من الغدر، وأرجى للنجاة. وقدموا أمر الله وطاعته وطاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الأمور كلها، ولا تقدموا الأمور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت من زهرة الدنيا بين يدي أمر الله وطاعته وطاعة أولي الأمر منكم.
واعلموا أنكم عبيد الله ونحن معكم، يحكم علينا وعليكم سيد حاكم غدا،