قال: فخبرني ببرهانك.
قال: إن أحببت أخبرك عضو من أعضائي، فيكون ذلك أوكد لبرهاني.
قال: أو يتكلم العضو؟
قال: نعم، يا حسن قم، فازدرى الأعرابي نفسه (1) وقال: هو ما يأتي ويقيم صبيا ليكلمني.
قال: إنك ستجده عالما بما تريد فابتدره الحسن (عليه السلام) وقال: مهلا يا أعرابي.
ما غبيا سألت وابن غبي * بل فقيها إذن وأنت الجهول فإن تك قد جهلت فإن عندي * شفاء الجهل ما سأل السؤول وبحرا لا تقسمه الدوالي * تراثا كان أورثه الرسول لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعت نفسك، غير أنك لا تبرح حتى تؤمن إنشاء الله.
فتبسم الأعرابي وقال: هيه.
فقال له الحسن (عليه السلام): نعم اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم، فزعمتم أن محمدا صنبور (2) والعرب قاطبة تبغضه ولا طالب له بثاره، وزعمت أنك قاتله، وكان في قومك مؤونته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمه تريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك، وأبيت إلا ذلك، فأتيتنا خوفا من أن يشتهر، وإنك إنما جئت بخير يراد بك.