ما لقي الناس يوم الجمل وصفين بين علي عليه السلام ومعاوية وعمرو بن العاص.
ثم قالوا: لو شرينا أنفسنا وقتلنا أئمة الضلالة وأرحنا المسلمين والبلاد منهم وثأرنا بهم إخواننا، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم ابن أبي طالب، وقال البرك:
وأنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو: وأنا لعمرو بن العاص.
فدخلوا الكعبة وتحالفوا فيها وتعاهدوا وتعاقدوا أن لا ينكص أحد منهم عن صاحبه الذي توجه إليه يقتله، أو يقتل دونه.
ثم أخذوا سيوفهم فسموها، وتعاهدوا أن يكون الاجتماع في سابع وعشرين من شهر رمضان، وقصد كل واحد منهم الجهة التي توجه إليها.
فأما ابن ملجم فقصد الكوفة، فتلقى أصحابه من الخوارج، فكاتمهم ما يريد وكان يزورهم ويزورونه وهو ساكت، مخافة أن يظهر شئ مما قدم له، فزار يوما أصحابا له من بني تيم الرباب، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) قتل منهم يوم النهروان عدة.
فرأى منهم امرأة يقال لها: قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) قتل أباها وأخاها يوم النهروان، وكانت فائقة الجمال، فعشقها وأخذت بمجامع قلبه وعقله، ونسي الأمر الذي قدم لأجله، فخطبها.
فقالت: أشرط عليك شروطا، فقال: ما هي؟ قالت: ثلاثة آلاف درهم، وعبدا وقينة، وقتل علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فقال: لك ما سألت من الدراهم والعبد والقينة، وأما قتل علي فما أراك ذكرتيه لي وأنت تريدينني، لأني لا أقدر عليه.
فقالت: التمس غرته، فإن أصبته شفيت نفسي ونفسك ونفعك العيش معي وأخذت بثار الأحبة، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها وأبقى.