وقد أجمعوا جميعا في رواياتهم أن رسول الله (ص) لما حج حجة الوداع قال للناس بعد أن طافوا وسعوا أيها الناس من كان ساق الهدي من موضع إحرامه فليقم على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله ومن لم يكن ساق الهدي فليحل وليتمتع بالعمرة إلى الحج، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت الذي أمرتكم به ولكني قد سقت الهدي والله تعالى يقول في كتابه (وأتموا الحج والعمرة لله) فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحج على وجهين لا يجوز غيرهما الحج مفردا وذلك إن ساق الهدي معه من موضع إحرامه لا يجوز له غير ذلك والوجه الآخر مقرونا بالعمرة وذلك لمن لم يسق الهدي لا يجوز له غير ذلك فمن تجاوز ممن يسوق مفردا فلا حج له ومن تجاوز ممن لم يسق الهدي للحج مقرونا بالعمرة فلا حج له إذ كان الرسول ص حكم بهذا بلا خلاف في الرواية به عنه عليه السلام ولا تكون العمرة إلا بالإحلال من الإحرام الأول كما قال رسول الله (ص) فليحل وليتمتع بالعمرة إلى الحج والعمرة لا تكون إلا بالمتعة وهي الاحلال والتمتع بما يتمتع به المحلون من الثياب والطيب والنساء وغير ذلك إلى يوم التروية ثم يجدد عند ذلك الاحرام للحج في وسط المسجد الحرام فأمر عمر الناس أن يحجوا حجا مفردا من ساق الهدي ومن لم يسق، ونهاهم عن التمتع بالعمرة خلافا على الله ورسوله (ص) ونهاهم مع ذلك عن متعة النساء التي حصن الله بها فروج المسلمين فكل من زنى بعد ذلك فمثل وزره في عنق عمر، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام لولا كلمة سبق بها ابن الخطاب ما زنى إلا شقي فأفسد عليهم حجهم بما ذكرناه من بدعه فيه وتغييره، والحجاج الآن يطوفون بالبيت ثم يصلون في موضع المقام فبطل الطواف عليهم إذ لم يصلوا في مقام إبراهيم ع الذي وضعه فيه الرسول ص كما قال الله تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وإذا بطل الطواف بطل الحج وكذلك ما ذكرناه من الحج المفرد والحج المقرون (1)
(٣٧)