الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٨٧
ثم اتخذت حركة الخوارج أسلوبا آخر يختلف تماما عما مضى لما أن بدأت الدولة الأموية تتداعى إذ انقلبت تلك الحركة إلى ثورة شاملة. ونظرة إلى أعدادهم الآن تكشف لنا الفارق فبعد أن كانت قلة العدد طابع جيوشهم أصبحوا يقاتلون الآن بجماهير قوية... بعد اغتيال الوليد الثاني ثار سعيد بن بحدل الشيباني في العراق وزحف بمن معه. وقضى في طريقه على منافس اعترضه من بني ربيعة ثم توجه قاصدا الكوفة. لكنه مات بالطاعون أثناء الطريق فخلفه الضحاك بن قيس الشيباني (2 / 1900 س 4) الذي انضوى تحت لوائه عدة آلاف.
وانضم إليه صفرية (1) شهرزور الذين حرصوا مع ذلك أن يكون لهم إمامهم الخاص في الصلاة ووجد في هذا الجيش كثير من النسوة اتخذت أسلحة الرجال وقاتلن قتالا مجيدا. وكان النزاع قائما منذ أربعة أشهر في الكوفة بين الوالي القديم وهو ابن عمر الثاني وبين الوالي الجديد ابن الحرشي الذي عينه الخليفة مروان.
لكنهما اتفقا على الخوارج وهزمهما الخوارج في رجب سنة 127 ه‍ (إبريل سنة 745 م) واضطر إلى التخلي عن الكوفة. ورجع ابن الحرشي إلى الشام أما ابن عمر فمضى إلى مدينة واسط الحصينة وهناك لحق به الضحاك بن قيس في شعبان 127 ه‍ (مايو سنة 745 م) وحاصره. وبرز في قتال الخوارج منصور بن جمهور الكلبي لكنه كان أول من انضم إلى الخوارج وامتحنوا إيمانه وأخذ على نفسه أن يتبع تعاليم الاسلام ويطيع ما أمر به الله. وجاء ابن عمر. بعد تردد فبايع الضحاك بن قيس في نهاية شوال سنة 127 ه‍ (أوائل أغسطس سنة 745 م).
قرشي إذن من الأسرة الحاكمة يصلي وراء خارجي من بكر بن وائل! ولم يكن الوحيد بل تبعه أموي آخر كما سنرى. إن هذا هو تغير الأزمان. ولم يخجل ابن عمر بعد ذلك أن يبقى واليا على واسط من قبل الضحاك وأن يدير النصف الشرقي من دولته. أما الضحاك فعاد إلى الكوفة ابتغاء أن يدير النصف الغربي من دولته من هناك. ولكن الاحداث دعته أو هذا ما يقوله على الأقل أبو عبيدة الذي أخذنا عنه جوهر كلامنا عن خروج الضحاك في سنة 127 ه‍ (الطبري 2 / 1900

(1) هؤلاء هم الخوارج الذين كانوا قد استولوا على أرمينية وآذربيجان ونازعوا مروان السلطان هكذا يروي البلاذري (ص 209) ولم يرد عن هذا شئ في الطبري وابن الأثير.
قارن فيل Well (1 / 590).
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست