الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٥٢
يقول الخليفة هشام في كتاب إلى يوسف بن عمر (الطبري 2 / 1682 س 5 وما يليه). إن عبادة الشيعة لله كانت عبادة لبني الانسان. والنتيجة لذلك قيصرية بابويه معا. كانوا يعترضون على إمامة السلطة القائمة ولكن إمامتهم الشرعية القائمة على دم الرسول (ذرية آل البيت) لم تكن أفضل منها إذ كانت تفضي إلى إهدار القانون وكسر الشريعة. فالامام عندهم كان فوق النصوص الحرفية وكان يعلم الغيب فمن اتبعه وأطاعه سقطت عنه التكاليف وخلا من المسألة. تلك أمور أخذها عليهم الخوارج خصوصا وأبرزوها إذ كان الخوارج يضعون الشريعة المقررة فوق كل إنسان ويتشددون في هذا أكثر جدا من سائر الفرق ولذا كانوا يحكمون على صلاح الامام أو فساده بحسب تمسكه بأحكام الشريعة.
وكان تحول الموالي إلى شيعة غلاة حادثا ذا أهمية كبرى في التاريخ العالمي (1).
ولعل المختار كان قد وجد الموالي من قبل وقد أصبحوا شيعة ولكن الفضل يرجع إليه في كونه هو الذي دفع بهم إلى الميدان والعمل. ولم يكن يرمي في بداية الامر إلى إثارتهم ضد العرب بل اتبع سياسة المهادنة والوفاق وكانت الشيعة كلها من ورائه حتى استطاع أن يجتذب إليه الأرستقراطية العربية المعادية. وشاء القضاء على الفوارق بين المسلمين من الطبقة الأولى والمسلمين من الطبقة الثانية فمن يأخذ عليه ذلك لا يكن له الحق في أن يأخذ على الحجاج أنه عمل العكس فأكد هذه الفوارق بكل قوة وأعادها إلى ما كانت عليه والحق أن المختار خليق بالمديح لكونه كان أسبق من غيره في إدراك أن الأحوال القائمة آنذاك لا يمكن أن تبقى كما هي إذ لم يكن الاسلام بل العنصر العربي هو الذي يعطى الحقوق المدنية الكاملة في الحكومة الدينية. ولو كان المختار قد حقق هدفه الأصلي. لكان من الممكن أن يكون منقذ الدولة العربية. ولكن العرب لم يشاءوا الحد من امتيازاتهم عن طيب خاطر. ومن هنا اضطر المختار إلى خوض الكفاح وإلى الارتماء بكليته في أحضان الموالي والسبئية. ولكن هذا النضال انتهى إلى القضاء عليه. فقضى على الموالي بوصفهم قوة سياسية. ورغم ذلك فإن ذكرى سلطانهم (الذي كان كالحلم) في سنة 66 - 67 لم تنطفئ. وظلت بقية من حزبهم تعمل في الخفاء. وهذه

(1) إن الفرق أكثر انطباعا بالدين وأقل تمسكا بالعصبية القومية من الدين الرسمي المرتبط بالسلطان والقومية السائدة الحاكمة.
(١٥٢)
مفاتيح البحث: الخوارج (2)، الإخفاء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 » »»
الفهرست