الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٥٠
فكان شبحا باسمه يعمل كل ما يراد عمله دون أن يكون مسؤولا عنه. وكان تمجيده - وظل كذلك - علامة على غلاة الشيعة (الأغاني) (7 / 4 5). وهم المعروفون ب‍ (الغلاة) أو (المفرطين). ثم أن العباسيين بنوا شرعية حقهم في الخلافة علي أساس الادعاء أن ابن محمد بن الحنفية وريثه وهو أبو هاشم قد تنازل عن حقه للعباسيين. كما أنهم استخدموا غلاة الشيعة في الكوفة وخراسان. أداة لهم وقد لقب هؤلاء الشيعة بالهاشمية نسبة إلى أبي هاشم المذكور وقد دخلت الهاشمية بعد ذلك في الراوندية وهؤلاء الأخيرون كان يمجدون ابن الحنفية على أنه الإمام الحق (المسعودي 6 / 58).
وأقيم تأليه آل بيت الرسول على أساس فلسفي بواسطة مذهب (الرجعة) أو (تناسخ الأرواح). فالأرواح تنتقل بالموت من جسم إلى جسم وثمت بعث مستمر في المجرى الطبيعي للحياة الدنيا. وهذا في تناقض حاد مع القول ببعث واحد عند زوال الدنيا ويستفيد هذا المذهب أهمية عملية خصوصا عن طريق رفعه إلى روح الله التي تحل في نفوس الأنبياء فهذه الروح تنتقل من نبي إلى نبي آخر بعد وفاة السابق ولا يوجد في الوقت الواحد غير نبي واحد ويتتابعون حتى يبلغوا ألف نبي. وتبعا لهذا فإن الأنبياء جميعا واحد بما يبعث في كل منهم من روح الله والحق أن النبي الصادق الحق واحد يعود أبدا من جديد. وبهذا المعنى قالوا:
إن محمدا يبعث في علي وآل علي وهذا يذكر كثيرا بالفكرة (المحتمل جدا أنها) يهودية. وإن كانت من البدع اليهودية التي وردت في المواعظ المنحولة على كليمانس (1) Pseudoclementinen فروح الله تتحد في آدم مع شخص إنسان يظهر بصفة النبي الصادق في صور متعددة وقد قدر له السيادة على الملكوت الدائم راجع 283. P, 1, 1 (. Aufl. 4). Gieselers KG.
ولكن المتأخرين قد فهموا - فيما يبدو - (الرجعة) على نحو آخر. فقد تصوروها على نحو ديالكتيكي. فقالوا بفترة (غيبة) دورية للإمام الصادق ثم

(1) في المواعظ المنحولة على كليمانس أن الاتحاد يقع بين النبي الصادق والنبي الكاذب لا بين النبي وخليفته (موسى ويوشع). وهذه الفكرة الأخيرة لعلها أقدم ولكنها تصطدم شيئا مع فكرة الميلاد من جديد. فأليسع يرث عند موت إيليا نصيب الميلاد الأول من روحه.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست