إطلاقا شعورا بالمسؤولية تجاه الإسلام، وأعظمهم حرصا على ازدهاره وانتشاره وتعمقه في العقول والقلوب.
ومن المؤكد أن الحكم عنده لم يكن مطلبا شخصيا، بل وسيلة إلى بلوغ غاية تتجاوز الأشخاص والأجيال والمصالح الخاصة لتعم وتشمل ما بقي من عمر الدنيا، وما تضمره القرون المقبلة من أجيال في كل الأوطان وفي كل الأمم.
إن عليا، بعد رسول الله (ص) - كان أب الإسلام. وقد تصرف تصرف الأب الحريص، فتحمل بصبر جميل نبيل جراحه الشخصية وحرمانه في سبيل قضية حياته الكبرى، قضية الإسلام.
ولا شك في أن جميع المسلمين كانوا يعرفون هذه الحقائق في شخصية وضمير الإمام علي، ويبدو أن منافسيه السياسيين قاموا بمغامرتهم الناجحة 1 معتمدين على جملة معطيات من جملتها ثقتهم بأن الإمام سيقدم مصلحة الإسلام العليا على مصالحه الخاصة.
لقد أشار الإمام في كتاب له بعث به إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه إمارتها، إلى العامل السياسي الذي حال دون مضيه في المعارضة، فقال:
... فأمسكت يدي 2 حتى رأيت راجعة الناس 3 قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد (ص)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما 4 أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح 5 الباطل