المخالفة لنظام المجتمع في نطاق خططها للاستفادة منها ومن تلك الأزمة السياسية، في سبيل الوصول إلى أهدافها.
وقد تتولد الأزمة السياسية بسبب أحداث ذات شأن كبير ومخطط لها - كما حدث في السقيفة - ولكن الجماعات التي تصنع الحدث لا تستثمره لأهداف مخالفة لنظام المجتمع العام والسائد، بل تكون عازمة على الانسجام مع نظام المجتمع، ساعية إلى تعزيزه وفقا لفهمها الخاص، عاملة على أن يكون ذلك من خلال سلطتها هي.
2 - في الحالتين الآنفتين تحرك الفتنة العارضة بعض القيم القديمة التي قضى عليها النظام الجديد، إما بسبب ضعف رقابة النظام لانشغال أجهزته بالمشكلات السياسية الآنية، أو بسبب التسامح مع بعض القوى السياسية غير الواعية لأجل كسب ولائها في الصراع السياسي الدائر. ولكن هذه القيم القديمة، في جميع الحالات، لا تعود سافرة صريحة، إنما تعود مموهة بشعارات جديدة.
3 - (في الغالب) تتولد الأحداث التي تكون مناخ الفتنة من مشكلات يثيرها أشخاص عاديون أو ذوو قيمة ثانوية في السلم الاجتماعي، كما أنها تقع على أشخاص من هذا القبيل كما هو الحال في فتنة النزاع على الماء بين الغفاري والجهني، ولكن علاقات الدم والصداقة والمصالح والمطامح سرعان ما (تسيس) الأحداث وتستغلها. وقد يحدث أن تتولد الأحداث من مشكلات يثيرها أشخاص ذوو شأن كبير في المجتمع أو تصيب هذه الأحداث أشخاصا من هذا النوع، كما هو الحال في حادثة الإفك وفي أحداث السقيفة.
4 - تواجه القيادة الحقيقية الشرعية هذه الفتنة بسياسة تتسم بالهدوء، وروح المسؤولية العالية، وتتجنب اتخاذ أية إجراءات أو مواقف انفعالية وانتقامية، لما يؤدي إليه ذلك من عواقب خطيرة تزيد الموقف تعقيدا والفتنة استحكاما، وتتيح للقوى الخفية المعادية للنظام (المنافقون، مثلا في المجتمع الإسلامي) أن تستغل الوضع الطارئ لتحقيق أهدافها (لاحظ السمة رقم (1).
وبدلا من مواجهة أحداث الفتنة العارضة بالعنف والانفعال، تحرص القيادة على