تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٢٦
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فما تصنعون في الحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل الناس وقاتل حتى قتل ووجد به سبعون ضربه وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف عشرين جراحة بعضها في رجله فعرج منها وقتل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم قتله وحشي مولى جبير بن مطعم بن عدى وكان قد جاعله على ذلك بعتقه فرآه يبارز سباع بن عبد العزى فرماه بحربته من حيث لا يشعر فقتله ونادى الشيطان ألا إن محمدا قد قتل لان عمرو بن قميئة كان قد قتل مصعب بن عمير يظن أنه النبي صلى الله عليه وسلم وضربته أم عمارة نسيبة بنت كعب بن أبي مازن ضربات فتوفى منها بدرعيه وخشى المسلمون لما أصابه ووهنوا لصريخ الشيطان ثم إن كعب بن مالك الشاعر من بنى سلمة عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى بأعلى صوته يبشر الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له أنصت فاجتمع عليه المسلمون ونهضوا معه نحو الشعب فيهم أبو بكر وعمر وعلى والزبير والحرث بن الصمة الأنصاري وغيرهم وأدركه أبي بن خلف في الشعب فتناول صلى الله عليه وسلم الحربة من الحرث بن الصمة وطعنه بها في عنقه فكر بنت أبي منهزما وقال له المشركون ما بك من بأس فقال والله لو بصق على لقتلني وكان صلى الله عليه وسلم قد توعده بالقتل فمات عدو الله بسرف مرجعهم إلى مكة ثم جاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء فغسل وجهه ونهض فاستوى على صخرة من الجبل وحانت الصلاة فصلى بهم قعودا وغفر الله للمنهزمين من المسلمين ونزل ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان الآية وكان منهم عثمان بن عفان وعثمان بن أبي عقبة الأنصاري واستشهد في ذلك اليوم حمزة كما ذكرناه وعبد الله بن جحش ومصعب بن عمير في خمسة وستين معظمهم من الأنصار وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفنوا بدمائهم وثيابهم في مضاجعهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم وقتل من المشركين اثنان وعشرون منهم الوليد بن العاصي بن هشام وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة وأبو عزة عمرو بن عبد الله بن جمح وكان أسر يوم بدر فمن عليه وأطلقه بلا فداء على أن لا يعين عليه فنقض العهد وأسر يوم أحد وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه صبرا وأبى بن خلف قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وصعد أبو سفيان الجبل حتى أطل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونادى بأعلى صوته الحرب سجال يوم أحد بيوم بدر اعل هبل وانصرف وهو يقول موعدكم العام القابل فقال عليه السلام قولوا له هو بيننا وبينكم ثم سار المشركون إلى مكة ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وكانت هند وصواحبها قد جدعنه وبقرن عن كبده فلاكتها ولم تسغها ويقال انه لما رآى ذلك في حمزة قال لئن أظفرني الله بقريش
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»