تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٢٤
رسول الله صلى الله عليه وسلم والذب عنه والنيل من أعدائه لا يفعل أحد القبيلتين شيئا من ذلك الا فعل الآخرون مثله وكان الأوس قد قتلوا كعب بن الأشرف كما ذكرناه فاستأذن الخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل ابن أبي الحقيق نظير ابن الأشرف في الكفر والعداوة فأذن لهم فخرج إليهم من الخزرج ثم من بنى سلمة ثمانية نفر منهم عبد الله بن عقيل ومسعر بن سنان وأبو قتادة والحرث بن ربعي الخزاعي من حلفائهم في آخرين وأمر عليهم عبد الله بن عقيل ونهاهم ان يقتلوا وليدا أو امرأة وخرجوا في منتصف جمادى الآخرة من سنة ثلاث فقدموا خيبر وأتوا دار ابن أبي الحقيق في علية له بعد أن انصرف عنه سمره ونام وقد أغلقوا الأبواب من حيث أفضوا كلها عليهم ونادوه ليعرفوا مكانه بصوته ثم تعاوروه بسيوفهم حتى قتلوه وخرجوا من القصر وأقاموا ظاهره حتى قام الناعي على سور القصر فاستيقنوا موته وذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر وكان أحدهم قد سقط من درج العلية فأصابه كسر في ساقه فمسح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرأ * (غزوة أحد) * وكانت قريش بعد واقعة بدر قد تآمروا وطلبوا من أصحاب العير أن يعينوهم بالمال ليتجهزوا به لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعانوهم وخرجت قريش بأحابيشها وحلفائها وذلك في شوال من سنة ثلاث واحتملوا الظعن التماسا للحفيظة وأن لا يفروا وأقبلوا حتى نزلوا ذا الحليفة قرب أحد ببطن السبخة مقابل المدينة على شفير واد هنا لك وذلك في رابع شوال وكانوا في ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة دارع ومائتا فرس وقائدهم أبو سفيان ومعهم خمس عشرة امرأة بالدفوف يبكين قتلى بدر وأشار صلى الله عليه وسلم على أصحابه بان يتحصنوا بالمدينة ولا يخرجوا وان جاؤوا قاتلوهم على أفواه الأزقة وأقر ذلك على رأى عبد الله بن أبي ابن سلول وألح قوم من فضلاء المسلمين ممن أكرمه الله بالشهادة فلبس لامته وخرج وقدم أولئك الذين ألحوا عليه وقالوا يا رسول الله إن شئت فاقعد فقال ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته ان يضعها حتى يقاتل وخرج في الف من أصحابه واستعمل ابن أم مكتوم على الصلاة ببقية المسلمين بالمدينة فلما سار بين المدينة وأحد انخزل عنه عبد الله بن أبي في ثلث الناس مغاضبا لمخالفة رأيه في المقام وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حرة بنى حارثة ومر بين الحوائط وأبو خيثمة من بنى حارثة يدل به حتى نزل الشعب من أحد مستندا إلى الجبل وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع المسلمين وتهيأ للقتال في سبعمائة فيهم خمسون فارسا وخمسون راميا وأمر على الرماة عبد الله بن جبير من بنى عمرو بن عوف والأوس أخو خوات ورتبهم
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»