تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٣١
فأعدوا للقتال فاعتذر اليهود بالسبت وقالوا مع ذلك لا نقاتل حتى تعطونا أبناءكم فصدق القوم خبر نعيم وردوا إليهم بالإباية من الرهن والحث على الخروج فصدق أيضا بنو قريظة خبر نعيم وأبوا القتال وأرسل الله على قريش وغطفان ريحا عظيمة أكفأت قدورهم وآنيتهم وقلعت أبنيتهم وخيامهم وبعث عليه السلام حذيفة بن اليمان عينا فأتاه بخبر رحيلهم وأصبح وقد ذهب الأحزاب ورجع إلى المدينة (غزوة بنى قريظة) ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه جبريل بالنهوض إلى بنى قريظة وذلك بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم فأمر المسلمين أن لا يصلى أحد العصر الا في بنى قريظة وخرج وأعطى الراية علي بن أبي طالب واستخلف ابن أم مكتوم وحاصرهم صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد احدى ثلاث إما الاسلام وإما تبييت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة السبت ليكون الناس آمنين منهم واما قتل الذراري والنساء ثم الاستماتة فأبوا كل ذلك وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم أبا لبابة بن عبد المنذر بن عمرو بن عوف لأنهم كانوا حلفاء الأوس فأرسله واجتمع إليه الرجال والنساء والصبيان فقالوا يا أبا لبابة ترى لنا أن ننزل على حكم محمد قال نعم وأشار بيده في حلقه انه الذبح ثم رجع فندم وعلم أنه أذنب فانطلق على وجهه ولم يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وربط نفسه إلى عمود في المسجد ينتظر توبة الله عليه وعاهد الله أن لا يدخل أرض بنى قريظة مكانا خان فيه ربه ونبيه وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو أتاني لاستغفرت له فاما بعد ما فعل فما أنا بالذي أطلقه حتى يتوب الله عليه فنزلت توبته فتولى عليه السلام اطلاقه بيده بعد أن أقام مرتبطا بالجذع ست ليال لا يحل الا للصلاة ثم نزل بنو قريظة على حكم النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم بعضهم ليلة نزولهم وهم نفر أربعة من هذيل اخوة قريظة والنضير وفر عنهم عمرو بن سعد القرظي ولم يكن دخل معهم في نقض العهد فلم يعلم أين وقع ولما نزل بنو قريظة على حكمه صلى الله عليه وسلم طلب الأوس أن يفعل فيهم ما فعل بالخزرج في بنى النضير فقال لهم ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا بلى قال فذلك إلى سعد بن معاذ وكان جريحا منذ يوم الخندق وقد أنزله رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيمة في المسجد ليعوده من قريب فأتى به على حمار فلما أقبل على المجلس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم قوموا إلى سيدكم ثم قالوا يا سعد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك حكم مواليك فقال سعد عليكم بذلك عهد الله وميثاقه قالوا نعم قال فانى أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتسبى الذراري والنساء وتقسم الأموال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ثم إنه أمر فأخرجوا
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»